في الوقت الذي تغنّت فيه الجهات المعنية بموسم وفير من الزيتون وما يؤول إليه من وفرة أيضاً في زيت الزيتون، ليتوسّم المواطنون الخير بهذا الموسم لعلّ وعسى يحضر زيت بلدهم على موائدهم، كانت مآرب التجار تأخذ منحى مغايراً للمأمول، فالوفرة بالمادة والخطط وقرارات التصدير المشروطة بحجم العبوات لم تفلح بخفض سعر المادة على مدار العام، بل على العكس شهد سعر الزيت المحلي بورصة حقيقية ارتفعت مع كلّ ارتفاع لسعر الصرف، ليتعدى سعر التنكة منه اليوم النصف مليون ليرة، ولاسيّما أن ارتفاع سعره لم يعد مرتبطاً بسعر الصرف فقط وسط تهريبه “على قدم وساق” عبر الحدود من قبل شبكة تجار، وفق ما أكده أهالي المناطق الساحلية والغربية، إذ بلغ سعر التنكة المُباعة لتجار التهريب عبر الحدود اللبنانية نصف مليون ليرة، في حين تجاوز سعرها الـ700 ألف للتجار المهربين عبر الحدود التركية.
ارتفاع عالمي
مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر أكدت أن تسويق زيت الزيتون يتمّ عبر عدة قنوات، سواء تسويقه في السوق المحلية أو التصدير إلى السوق العالمية، أما التهريب فهو ظاهرة لتصريف الإنتاج بطرق غير قانونية، ومراقبتها هي مسؤولية الجهات المعنية بمكافحة التهريب، خاصة وأن وزارة الزراعة معنية فقط بالإنتاج، وأرجعت سبب ارتفاع الزيت محلياً لارتفاع السعر العالمي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف إنتاج المادة. ولفتت جوهر إلى أن ارتفاع السعر العالمي يعود لعدم وجود إنتاج جيّد في مناطق الإنتاج عالمياً (إسبانيا وإيطاليا)، إذ انخفضت نسبة الإنتاج في إسبانيا نحو 25% أما في إيطاليا فقد انخفضت بنسبة 37%، لذا كان البديل بالاستيراد من الدول الأخرى المنتجة لزيت الزيتون نتيجة عدم كفاية الإنتاج لتغطية حاجة معامل التكرير لديها، إلّا أن هذه الدول تستورد الزيت “دوكمة” وهو ممنوع حالياً في سورية، لذلك لم يستفد المنتج السوري من ارتفاع السعر للزيت المصدّر “دوكمة”، في حين سُجّل أعلى سعر حتى الآن لكيلو الزيت المعبأ “دوكمة” 5.2 يورو بحسب الإحصائيات الأخيرة للمجلس الدولي.
في حدوده الدنيا
وعن الكميات المصدّرة حتى اليوم، أكدت مديرة مكتب الزيتون وصول الفائض هذا العام إلى 45 ألف طن، إلّا أنه وحسب الإحصائيات الواردة إلينا لم تتجاوز كمية المصدّر من زيت الزيت ١٥ ألف طن حتى نهاية شهر نيسان، مشيرة إلى أن سماح الحكومة بتصدير كمية محدّدة من زيت الزيتون جاء بشروط محدّدة تضمن تصديره بعلامة تجارية سورية من جهة، وتحدّ من الكميات المصدّرة وتجنّب ارتفاع سعرها وفقدانها من الأسواق المحلية من جهة أخرى، وبالتالي كان هناك صعوبة في تحقيق توازن بين السعر المحلي والسعر العالمي بما يضمن تصريف الإنتاج بشكل مناسب للمزارع ليستفيد بشكل جيد من الميزة التصديرية لمنتجه من جهة وللمستهلك ليحصل على مكون أساسي لغذائه بسعر مقبول من جهة أخرى، وللمصدّر لدخول الأسواق العالمية بمواصفات مناسبة وأسعار منافسة وتحقيق عائد اقتصادي جيد لدعم الاقتصاد الوطني بالاستفادة من الطلب العالمي على زيت الزيتون حالياً.
إنتاج متوقع
وفيما يتعلق بإنتاج هذا العام، أكدت جوهر أن إنتاج العام الماضي تميّز بوفرته في المناطق الساحلية، في حين كان منخفضاً في المناطق الداخلية والتي معظمها للأسف خارج السيطرة بمحافظتي حلب وإدلب، لذا من المتوقع أن يكون الإنتاج معاكساً هذا العام في الساحل والداخل، ويُعزا السبب الأساسي لتبادل الحمل في الزيتون “المعاومة”، إلا أن تقدير الإنتاج لا يمكن أن يتضّح قبل الشهر السادس، مشيرة إلى أن الطلب العالمي ازداد في الفترة الأخيرة، في حين لا زال الطلب المحلي في حدوده الدنيا، كما أن استمرار تواجدنا في الأسواق العالمية ضروري لضمان عدم خروجنا منها، أما الآفات التي تعرّضت لها أشجار الزيتون هذا العام فقد نشطت الأمراض والحشرات المرتبطة بالجفاف، وخاصّة في المناطق الداخلية، وتمّ توجيه المزارعين عن طريق مديريات الزراعة في المحافظات ودوائر الإرشاد الزراعي إلى ضرورة تقديم الخدمات اللازمة لحقولهم من تقليم وتسميد ومراقبة الحالة الصحية لحقولهم، واتباع وسائل المكافحة الحيوية المناسبة للمحافظة على الإنتاج كماً ونوعاً.
بانوراما سورية-الوطن