بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
“جيتوا متأخرين.. يا سيادة الوزير” بهذه العبارة رد مازحاً السيد فاروق بهلوان صاحب أهم منشأة لصناعة القوارب في جزيرة أرواد على كلام وزير السياحة خلال الجولة التي قام بها على معالم جزيرة أرواد حين طرح السيد الوزير عليه فكرة إقامة مدرسة مهنية لتعليم صناعة القوارب الخشبية بالاعتماد على خبرات أصحاب الكار.. التأخير الذي يتحدث عنه المعلم فاروق جاء نتيجة تراكم المشاكل والصعوبات والتي أدت إلى ترك الأبناء للمهنة والتحول إلى مهن أخرى كالسفر في البحر والصيد وأعمال أخرى نظراً للجمود والتراجع الذي أصاب هذه الصناعة في الآونة الخيرة..
حاجة ماسة..
من المعروف أن صناعة القوارب هي من أهم المهن التراثية السياحية التي اشتهر بها نسبة لا بأس بها من سكان الساحل السوري ومن جزيرة أرواد على وجه التحديد..
وإلى وقت قريب كان الأبناء يتوارثون المهنة عن أباءهم إلى أن وصل عدد ورشات التصنيع إلى أكثر من عشرة ورشات، ولكن للأسف بدأ عدد هذه الورشات بالتراجع إلى أن وصل حالياً إلى خمسة ورشات فقط … ويبدو أنها في الطريق إلى الاندثار والزوال إذا لم تتخذ الدولة إجراءات عاجلة للحفاظ عليها… فالمهنة كما يقول السيد فاروق تعاني من مشكلة رئيسية تتلخص بعدم منح مديرية الموانئ التابعة لوزارة النقل موافقات وتراخيص جديدة لمراكب الصيد التي تنتجها هذه الورشات، وبالتالي ليس هناك طلب على منتجات أصحاب هذه الصناعة، مضيفاً أن العمل يقتصر حالياً على إعادة بناء الفلوكات القديمة أو المفقودة أو التالفة أو الغارقة والتي يتم تلفها بإشراف إدارة الموانئ وبنائها من جديد.. زيادة تراخيص الصيد..
الالتزام من طرف واحد..
وحول اسباب عدم الترخيص لمراكب جديدة قال السيد بهلوان إن الموضوع يتعلق بالتزام الدولة بالاتفاقية الدولية مع المنظمة العالمية للبيئة والصيد والتي منحت سورية
حصة لا تتجاوز 1850 رخصة صيد بحري منذ العام 2001 ، ومنذ ذلك العام والى الآن لم يزداد العدد المذكور رغم زيادة عدد السكان والحاجة للمزيد من التراخيص مشيراً إلى أن الكثير من أبناء جزيرة أرواد يرغبون العمل في هذا المجال وهو مجالهم الأساسي بالإضافة الى السفر بالبحر، ولكن عدم منح تراخيص صيد جديدة يمنعهم من تحقيق هذه الرغبة وهذه الحاجة الضرورية لأهالي أرواد.. وبالتالي هذا يؤدي إلى موت بطيئ للمهنة وانسحاب العاملين فيها لعدم وجود المردود المادي المناسب..
بانتظار الإحصاء..
واستغرب المعلم فاروق كيف أن لبنان والدول الأخرى لا تلتزم بهذه الاتفاقية وتزيد عدد الموافقات لممارسي مهنة الصيد في حين أن سورية تلتزم بها وتمنع ترخيص أي قارب جديد للصيد مع العلم أن نصف الموافقات الموجودة لدينا لا يمارس أصحابها مهنة الصيد بل يستخدمون مراكبهم لأغراض السياحة والاستخدامات الشخصية الأمر الذي يتوجب على مديرية الموانئ السرعة في انجاز الإحصاء الموعود للعدد الحقيقي لعدد مراكب الصيد السورية التي تعمل في المياه الإقليمية السورية وحينها يتم التأكد أن حوالي نصف الرخص الممنوحة هي خارج نطاق عمل مهنة الصيد وبالتالي اتخاذ قرارات
بتراخيص جديد..
وحول سؤال يتعلق بالحاجة الفعلية أكد أنه يتطلب منح طرطوس وأرواد حوالي عشر رخص صيد سنوية جديدة في كل عام استجابة للنمو السكاني وحاجة البلد من الأسماك البحرية مضيفا ان زيادة العدد تؤدي الى تحسن اوضاع مهنة الصيد وايضا تحقق توازن في سوق الأسماك مما ينعكس على المواطن..
جمعية حرفية..
وبخصوص فكرة اقامة جمعية حرفية لصناعة القوارب أكد السيد بهلوان أن الفكرة قائمة وهناك خطوات في هذا المجال بالتعاون مع اتحاد حرفيي طرطوس ولكن يجب أن تتمتع الجمعية بصلاحية منحة شهادة منشأ لمنتجات أعضائها لتساعدهم في عملية التسجيل وتصريف الانتاج داخل وخارج القطر، وبالتأكيد أن هذه الجمعية ستكون الخطوة الأولى على طريق حماية هذه الصناعة عبر نقل الصعوبات والعقبات الى الجهات المعنية عبر أقنية رسمية معترف بها وبالتالي إيجاد حلول للمشاكل والصعوبات التي يعاني منها العاملين في هذا القطاع..
تحديثات وبدائل..
ورغم ما تتعرض له من صعوبات إلا أن السيد فاروق أدخل تحسينات وإضافات على الورشة الخاصة به حيث أدخل “مخرطة حدادة” وتنزيل محركات ومعدات للفرش المقاعد والكراسي وبالتالي هذا يؤهلها لتكون منشأة متكاملة باستطاعتها انتاج فلوكات ومراكب صيد بكافة القياسات والمواصفات بحسب طلب الزبون ومتطلبات الأسواق.. وهذا ما جعل بعض الهواة الرياضة والسياحة البحرية من غير الصيادين يقصدون السيد فاروق لتصميم زوارق وقوارب بمواصفات سياحية متميزة ومجهزة بكل وسائل الراحة والأمان مع الأخذ بعين الاعتبار الناحية الجمالية وجودة الخشب المستخدم..
أخيرا..
نأمل من المعنيين في كل من وزارات النقل والسياحة والصناعة العمل على انقاذ هذه المهنة من الزوال، عبر تذليل الصعوبات ونحن نعلم أن هذه الحلول هي في متناول اليد وهي حقوق لكل من الدولة والمواطن فليس معقولاً أو منطقياً أن تبقى حصة سورية 1850 مركب صيد منذ العام 2001 وحتى اليوم في حين لا تلتزم أي دولة بهذا الرقم لا بل هناك محاولات مستمرة من قبل سفن صيد غير سورية للاعتداء على خيرات البحر السمكية في مياهنا الإقليمية..







