لا يبدو أن جاذبية السمك تنحصر بمذاقه اللذيذ وغلاء سعره الذي جعله أكلة بعيدة المنال لشريحة واسعة من المواطنين، ويبدو أن تجارة السمك أيضاً فيها من الجاذبية الشيء الكثير ما دفع جهة عامة لإشادة مبنى مخالف في قطعة أرض مخصصة كحديقة وهذه الجهة العامة قدمت الأرض لجهة نقابية وهي بدورها أعطته لمستثمر لممارسة تجارة السمك بالجملة وإقامة مزادات لشراء السمك من الصيادين وهنا بدأت المشكلة لأن هناك مستثمراً آخر يقوم بذلك.
ونظراً لوجود المقر المخالف في موقع قريب على مدخل المرفأ أصبح مقصداً للصيادين الذين استقربوه فتعطل عمل الآخر النظامي فبدأت رحلة الشكاوي والتبريرات إلى أن صدر أخيراً القرار بتشميع المسمكة المخالفة ومع ذلك لم تنته المشكلة فالمسمكة لا تزال تعمل ولا يبدو أنها ستتوقف فكيف حصل ذلك ولماذا؟
مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة طرطوس فراس الموعي أكد أن قرار إغلاق المسمكة المخالفة نهائي نظراً لممارستها المهنة من دون ترخيص نظامي ولا عودة عنه رغم لجوء الجهة المتضررة إلى القضاء بعد التشميع في الأسبوع الماضي وفعلاً صدر الحكم القضائي الذي تضمن وقف تنفيذ قرار إغلاق المسمكة لمدة شهر واحد كمهلة نهائية تقوم خلالها الجهة المدعية بتصفية موجودات المحل من الأسماك شريطة عدم ممارسة البيع بطريقة المزاد العلني وبالجملة.
وحول ملابسات هذه القضية الشائكة بين الموعي أن مجلس المدينة تعامل مع الموضوع بهدوء وروية نظراً لأن الطرف الثاني جهة نقابية مهمة لكنها قامت بكل الإجراءات القانونية فالمسمكة موضوع الخلاف أقيمت بطريقة مخالفة على أرض مخصصة كحديقة عامة وبالتالي لا يمكن منحها موافقة فنية لممارسة أي مهنة سواء كانت مسمكة أو غيرها وقد قام المجلس بإغلاقها بعد استنفاد جميع الإجراءات القانونية والإدارية حيث تم توجيه إنذار لمستثمرها بتاريخ 6/2/2019 بسبب ممارسة المهنة من دون ترخيص تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بما فيها التشميع فور انتهاء المهلة المقررة بالإنذار والبالغة أسبوعاً واحداً وبتاريخ 19/2/2019.
وأشار إلى تقدم اتحاد عمال طرطوس بكتاب يطلب فيه منح ترخيص للمسمكة وبعد الدراسة تم الرد بعدم إمكانية ذلك للأسباب السابقة وبعد انتهاء مدة الإنذار تم تنظيم قرار الإغلاق بتاريخ 28/2/2019 وتم توجيه كتاب لاتحاد عمال طرطوس يتضمن طلب إخلاء الموقع بشكل فوري كما تم توجيه كتاب للمحافظ لإعلامه بذلك بتاريخ 23/6/2019 وجاء الرد بمتابعة الإجراءات القانونية بالتنسيق مع المرفأ واتحاد العمال الذي قام برفع دعوى قضائية على مجلس المدينة لعدم الترخيص له ببيع السمك بالجملة وإجراء المزادات العلنية وطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري وصدر قرار القضاء الإداري بطرطوس الذي يقضي بوقف تنفيذ الإغلاق مؤقتاً ولمدة شهرين بتاريخ 2019/7/ 24 وبعدها عاد اتحاد العمال لتقديم طلب آخر للترخيص له لهذه المسمكة وتم الرد بالرفض للأسباب نفسها.
وعن إجراءات مجلس المدينة لتنظيم مسألة سوق السمك بالجملة وإجراء المزادات وفق ضوابط الموقع والشروط الصحية أشار الموعي إلى أن مجلس المدينة أصدر قراراً برقم 26 لعام 2001 ونصت المادة الأولى منه على نقل سوق السمك من مكانه بالقرب من ميناء أرواد إلى سوق الهال شرق المدينة على أن يكون سوق جملة والسماح ببيع السمك بالمفرق ضمن أسواق المدينة وبمحال ترخص أصولاً وخلال عام 2018، وقام المجلس بتوقيع عقدي استثمار رقم 8 و9 لاستثمار مسمكتي سوق الهال الغربية والشرقية لبيع السمك بالجملة وإجراء المزاد العلني بقيمة 15 مليون ليرة سنوياً كما قام المجلس باتخاذ قراره رقم 10 لعام 2019 المتضمن السماح بترخيص مهنة بيع السمك بالمزاد العلني فقط في مسامك سوق الهال العائدة ملكيتها لمجلس المدينة بما يحقق الرقابة الصحية والمالية بعيداً عن التجمعات السكانية نظراً لما يسببه من تجمعات وضجيج وروائح وإشغالات للشوارع والأرصفة والساحات وضبط وتنظيم سوق الجملة والمزادات في أماكن مخصصة وذلك في سياق استكمال الأرضية القانونية والتشريعية اللازمة كما قامت المدينة بتوجيه كتاب للمحافظ من أجل التعميم إلى نقابة الصيادين بضرورة توجيه الصيادين بعرض نتاج صيدهم في مسامك سوق الهال بما يحقق مصلحة جميع الأطراف (المدينة والمستثمر والصيادين) وذلك بعد أن تقدم المستثمر بعدة شكاوي بوجود مواقع ضمن المدينة وخاصة مسمكة اتحاد العمال التي تقوم باستقبال منتجات الصيادين وبيع السمك بالمزاد العلني والجملة.
الوطن