بالرغم من تطبيق نظام توزيع المحروقات عبر البطاقة الذكية التي من المفترض أن تسهم في ضبط عمليات التوزيع ووصول المادة إلى مستحقيها، إلا أنها لم تقم بالدور المنوط بها، ولم تسهم حقيقة في عمليات ضبط توزيع المحروقات بالشكل الأمثل، والدليل على ذلك توفر المازوت والغاز بكثرة في السوق السوداء حالياً، والكثير من المواطنين يلجؤون إلى تأمين المادة وفق ما يسمونه «بالسعر الحرّ»، حتى إنه في حالات كثيرة تصل الكميات المطلوبة إلى منزل المشتري «ديلفري»، ويتراوح سعر ليتر المازوت في السوق السوداء بين 375 و425 ليرة، على حين وصل سعر اسطوانة الغاز المنزلي إلى 8000 وتصل أحياناً إلى عشرة آلاف ليرة، وذلك بحسب أشخاص يشترون تلك المواد في عدة مناطق.
في سياق الاستفسار عن أسباب وآلية وصول المازوت والغاز إلى السوق السوداء، بيّن مصدر مسؤول في شركة «محروقات» لـ«الوطن» أن توفر المازوت في السوق السوداء يعود لقيام أصحاب صهاريج التوزيع بسرقة كمية من مخصصات العائلات أثناء التوزيع عليهم من خلال التلاعب بالعداد، فعلى سبيل المثال إذا تم توزيع المازوت على 200 ألف عائلة وكل موزع سرق 10 ليتر من كل عائلة من أصل 200 ليتر مخصصة، فإن الكمية المسروقة من هذه العائلات تصل إلى 4 ملايين ليتر ، طبعاً هذا على سبيل المثال، فهناك أشخاص ملتزمون بالتعبئة النظامية، لكن هناك أيضاً مخالفون يسرقون من المخصصات.
وبين أن شركة «محروقات» ليس بإمكانها ضبط هذا الموضوع، ولا يمكن ضبط هذا الأمر من خلال البطاقة الذكية، مشدداً على ضرورة قيام دوريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدورها، لأن المسؤولية في هذا الخصوص تقع على عاتق هذه الدوريات، وليس على عاتق شركة «محروقات».
بدوره صرح خبير في الشأن النفطي، ومطّلع على عمل «محروقات»، أنه لا يخلو الأمر من وجود بعض ضعاف النفوس من موظفي الشركة يقومون ببيع المازوت والغاز عبر وسطاء لتجار في السوق السوداء، مشيراً إلى أن البطاقة الذكية تكون فعالة في حال توفر المحروقات، بمعنى عندما تتوفر المادة عند شركة «محروقات» يكون الوضع سليماً، وفي حال عدم توفر المادة بشكل كافٍ لا يكون للبطاقة الذكية فعالية، لان أي نقص في المادة يخلق سوقاً سوداء.
وأشار إلى أن توفر مادة الغاز في السوق السوداء يعود للتلاعب بأوزان أسطوانات الغاز في بعض وحدات التعبئة، وضغطها بكميات زائدة عن الوزن، الذي يجب أن تعبأ بها الأسطوانة، وهو 10 كيلو غرام، وذلك بالتنسيق بين بعض موظفي وحدات التعبئة وموزعي الغاز الذين يقومون بدورهم بإفراغ الكميات الزائدة في أسطوانات أخرى لبيعها في السوق السوداء، وهذا السبب في توفر الغاز بكثرة في السوق السوداء، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتم من خلال فساد وتلاعب بعض ورديات التعبئة بعيار التعبئة الذي يجب أن يكون معيّراً لتعبئة كل أسطوانة بكمية 10 كيلو، بالإضافة لذلك يقوم بعض المعتمدين بسرقة كمية من اسطوانة الغاز المعبئة بوزنها الطبيعي.
ولفت إلى أن شركة «محروقات» عند توزيع الغاز على المعتمدين تعطيهم نسبة 5 بالمئة زيادة عن الحمولة المخصصة لهم والتي هي مضبوطة عبر البطاقة الذكية، وللمعتمد حرية التصرف بهذه النسبة، وبالتالي يستفيد من هذه النسبة ويبيعها في السوق السوداء، مشيراً إلى أن هذه النسبة موجودة منذ زمن.
وبالنسبة للمازوت ،يتم بعض التلاعب في مستودعات «محروقات» أحياناً، وبدل أن يتم تعبئة الصهريج من قبل بعض الموظفين هناك على مؤشر السهم الموجود على الصهريج، يتم تعبئته بكمية زائدة، وهذه الكمية تطرح في السوق السوداء، فضلاً عن التلاعب من قبل بعض موزعي المازوت بعداد التعبئة وسرقة بعض اللترات عند التعبئة للعائلات.
وأشار إلى وجوب تشديد الرقابة من قبل التموين على كل مفاصل التوزيع وقيام دوريات حماية المستهلك بدورها لضبط عمليات التلاعب التي تفتح الباب على مصراعيه لتوفر المحروقات في السوق السوداء.
الوطن