تخطى إلى المحتوى

سورية في مواجهة التصعيد: اختبار السيادة وفرصة التماسك الوطني

دانيا النابلسي:

في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير على دمشق، والذي شمل غارات مكثفة استهدفت مبنى هيئة الأركان العامة، وزارة الدفاع، ومحيط القصر الجمهوري، تقف #سورية اليوم أمام لحظة مفصلية تختبر فيها قدرتها على الصمود، وتعيد فيها تعريف سيادتها في مواجهة التهديدات الخارجية.
لم تكن الغارات مجرد عمل عسكري عابر، بل جاءت محملة برسائل سياسية واضحة، أبرزها ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي “يسرائيل كاتس”، الذي توعد بمزيد من التصعيد ما لم تنسحب القوات السورية من السويداء. هذا التهديد المباشر يكشف أن “إسرائيل” لا تكتفي بالمراقبة، بل تستخدم القوة كأداة ضغط على القيادة السورية الجديدة، في محاولة لتقويض استقلالية القرار الوطني.
استهداف رموز السيادة السورية، من مبنى الأركان إلى وزارة الدفاع، وصولاً إلى محيط القصر الجمهوري، يحمل دلالة رمزية عميقة. فهذه المواقع ليست مجرد منشآت حكومية، بل تمثل مراكز القرار، وهيبة الدولة، وذاكرة وطنية لا تقصف دون أن تترك أثراً في الوعي الجمعي. وكأن الرسالة الإسرائيلية تقول: “نحن نحدد الخطوط الحمراء، لا أنتم”. لكن سورية، بقيادتها الجديدة، ترد بصمت واثق: “السيادة لا تمنح ، بل تنتزع”.
في محاولة لتبرير هذا التصعيد، لجأت إسرائيل إلى توظيف الملف الدرزي، مدعية أن الهجمات جاءت لحماية الدروز في السويداء. غير أن هذا التبرير يخفي وراءه أهدافاً أوسع: إعادة رسم النفوذ في الجنوب السوري، وفرض شروط على دمشق، وربما حتى اختبار مدى تماسك الدولة السورية. لكن القيادة السورية برئاسة الرئيس أحمد الشرع، تدرك أن هذه اللحظة ليست فقط تحدياً، بل فرصة لإثبات قدرة الدولة على حماية مواطنيها، وتعزيز وحدة الصف الوطني.
على الصعيد الدولي، جاءت ردود الفعل متباينة. الأمم المتحدة دعت إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين، الولايات المتحدة طالبت بوقف إطلاق النار، وتركيا اعتبرت الضربات محاولة لتخريب جهود السلام. ورغم هذه التصريحات، لا تزال الآليات الدولية عاجزة عن ردع إسرائيل أو ضمان حماية المدنيين السوريين، ما يعيد التأكيد على أهمية الاعتماد على الذات، وتعزيز الجبهة الداخلية.
إن ما يحدث اليوم هو اختبار حقيقي للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يقود سورية في مرحلة دقيقة من إعادة البناء السياسي والمؤسساتي.
فهل تنجح القيادة في تحويل هذا التصعيد إلى نقطة إجماع وطني؟
وهل تثبت أن سورية، رغم الجراح، قادرة على حماية سيادتها واستعادة مكانتها؟
المؤشرات الأولية تدل على أن الشعب السوري، الذي لم ينكسر رغم كل شيء، يقف خلف قيادته، مؤمناً بأن الكرامة لا تقصف، وأن السيادة تصان بالوعي، والثقة، والعمل.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تابعونا على فيس بوك

مقالات