نجزم أن كل هواة ” الإبداع” على صفحات التواصل الاجتماعي ولا سيما الفيسبوك..ممن كادوا أن يصنفوا أنفسهم خبراء في الاقتصاد وتفاصيله من الأسعار إلى الدولار إلى سياسات الرواتب والأجور..قد وقعوا في “الفخ الاجتماعي” و أضاعوا بوصلة الاقتصاد وهم يزعمون معاينة مشكلات المواطن على كامل مساحة الدائرة الواسعة التي تشغلها هذه الأيام على إيقاع الحرب والحصار.
أليس مريباً …أن يكتفي هؤلاء بسرد ملامح الوجع والصعوبات المعيشيّة التي تعتري يوميات المواطن، وبعضهم غرق في حسابات الفرق بين الدخل والحاجة واستعراض وصفي لم يعد يسمن ولا يغني من جوع..وآخرون ظهروا كخبراء في النقد والمصارف..دون أن يبادروا إلى تقديم ولو حلّ جزئي بسيط لواحدة من المشكلات التي يتداولونها في بلد أرهقته الحرب..ويحمد العقلاء من أهله ربهم لأن بلدهم ما زال صامداً حتى اليوم بعد تسع سنوات حرب عجاف قاهرة !!!
نجزم بأن المواطن ليس بحاجة لخبير اقتصادي يخبره بأزمته، ولا الدولة تنتظر مثل هذه السرديّات لتقف على حقيقة يوميات مواطنها..بل ما ينتظره الطرفان من “خبراء البلد” تقديم حل لواحدة من أكبر مشكلاتنا المجتمعيّة الراهنة .
فعادة يتمثّل دور الطبيب بوصف العلاج الناجع وليس التباكي مع المريض وعليه، و إلّا تحوّل إلى “نوّاحة وندّابة” ونعلم أن الندابات والنواحات يكنّ مأجورات في بعض المجتمعات .
ورغم أننا لا نملك إلّا أن نثني على كلّ من فكر بتلمّس الأوجاع المعيشيّة للمواطن، وترميم مواضع لفح الأزمة، وبالفعل ثمة أزمة معيشيّة حقيقيّة تتزايد مع تزايد وطأة الحصار على هذا البلد..لكن سؤال العقلاء اليوم هو ..هاتوا حلولكم إن كنتم جادين.
ربما المسألة تتعدى جمع ” اللايكات” ..فهي تفاصيل “الحرب الرابعة” التي أشار إليها السيد رئيس الجمهورية في أحد خطاباته..
إنها أجندات ممنهجة ومنظّمة تُدار من الخارج كما تُدار المجاميع الإرهابية وخارطة تحركاتها.
هاتوا رؤاكم وحلولكم لمشكلات يبدو كل السوريين فيها على السواء، إن كنتم فعلاً أصحاب نقد بناء وأصحاب حرص حقيقي على المواطن والبلد.
نحن اليوم بحاجة إلى رؤى الجميع مواطنين وخبراء وحكومة لنخرج من مأزق الحرب وما بعد الحرب، ومجرّد التباكي على الفيسبوك لا ينفع، بل لعلّه يضع “أبطاله” في خانة الريبة وموضع يشير إليه الجميع بالشك.