كثيرة هي التصريحات التي يطلقها المعنيون عن ضرورة التزام التجار والباعة بالإعلان عن الأسعار وتنظيم فواتير لعملية البيع ودائماً كانت مقولة غياب ثقافة الشكوى حاضرة في كل مناسبة وعلى لسان كل المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مطالبين المواطن بالشكوى في حال تعرضه للغش أو الشراء بأسعار عالية وهو ما لمسناه خلال استطلاعنا عدداً من آراء المواطنين إذ أكد لنا عدد كبير ممن التقيناهم أنهم نادراً ما يحصلون على فاتورة نظامية من البائع في المحال الكبيرة والمولات التجارية المعروفة أما المحال الصغيرة مثل البقاليات الشعبية فإنها لا تعطي فاتورة ونادراً ما تضع تسعيرة على السلع وخاصة الاستهلاكية والغذائية وبشأن تقدمهم بشكوى أشار عدد منهم إلى أنهم لا يتقدمون بالشكوى لأنها ستذهب أدارج الرياح حسب اعتقادهم بينما توقع أحد المواطنين أن امتناع البائع عن إعطاء فاتورة نظامية للزبون هدفه التهرب من الضرائب بالدرجة الأولى والتلاعب بسجلات المحل المقدمة الى المالية وعمل فواتير خلبية تناسب مصلحته.
وفي ظل الفوضى السعرية التي تشهدها مختلف الأسواق وعلى جميع السلع وجد بعض التجار فرصة سانحة لتحقيق الربح عن طريق زيادة الأسعار من دون الإعلان عنها وعدم الالتزام بقرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المتعلق بضرورة الإعلان عن الأسعار وتنظيم فواتير بالسلعة المبيعة للمستهلك وعلى حماية المستهلك تنظيم الضبوط بحق المخالفين على الرغم من أنَّ المادة /20/ من قانون حماية المستهلك تؤكِّد أنه على مُقدِّم الخدمة تقديم بيان أو فاتورة للمستهلك تتضمَّن تفاصيل الخدمة وبدلها وموعد تنفيذها.
وخلال جولة على الأسواق لاحظنا أن هناك عدداً كبيراً من المحال لا يلتزم بالإعلان عن الأسعار وخاصة الأدوات الكهربائية.
وسوغ أحد الباعة عدم الإعلان عن الأسعار بأن من يتحكم بأسعار السلع الكهربائية هو تاجر الجملة الذي يتذرع بارتفاع صرف العملات الأجنبية وتالياً لا يمكن الإعلان عن الاسعار وهي متغيرة بين لحظة وأخرى، وأضاف أن هامش الربح بات ضعيفاً جداً لارتفاع الأسعار من المنشأ أي من المورد، لافتاً إلى أن بعض الشركات المعروفة ترسل لهم نشرة يومية بأسعار الأدوات والسلع من منتجاتها وتالياً لا يمكن وضع تسعيرة على السلعة وأضاف البائع بخصوص الفاتورة: نقوم بتنظيم فواتير للمستهلكين مع كفالة للمنتج مدة عام وهناك بعض السلع مكفولة عامين.
وبيّن صاحب محل لبيع أجهزة الخليوي أن الأسعار يتحكم بها التاجر المستورد في الأساس لكونه الوكيل للشركة الموردة للأجهزة وأضاف: هناك أجهزة تباع من دون جمرك (مهربة) وأسعارها أقل من الأجهزة النظامية والمجمركة وطبعاً تباع من دون فاتورة ومن دون كفالة على المنتج في حين إن الأجهزة التي تدخل البلد بطريقة نظامية ومجمركة تباع بسعر أعلى لكن البائع ينظم فاتورة للزبون مع كفالة مدة عامين, الأمر الذي يحمي الزبون والبائع وفي حال وجود عيب في المنتج ففي إمكان المستهلك مراجعة الشركة التي اشترى منها وإعادة الجهاز أو المنتج إلى البائع.
بينما أشار صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية والخضر والفواكه إلى أن النشرة السعرية التي تحددها وزارة التجارة الداخلية لا تنصف البائع, إذ إن تكلفة شراء السلع ونقلها كبيرة وتفوق أحياناً كثيرة تسعيرة الوزارة.
وعن الإجراءات المتخذة لإلزام جميع الفعاليات الاقتصادية والتجارية والحرفية بالإعلان عن أسعار كل السلع المعروضة للبيع ودور ثقافة الشكوى في ضبط المخالفات أكد مدير حماية المستهلك في دمشق- عدي الشبلي أنه، تنفيذاً لتعميم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تقوم المديرية بجولات يومية على الأسواق وتتابع مخالفات الفعاليات التجارية المختلفة لناحية عدم التقيد بالأسعار وعدم إعلان أسعار المواد بشكل واضح للمستهلك وغيرها من المخالفات وتتابع الشكاوى الواردة إليها, مشيراً إلى أن ثقافة الشكوى ليست جديدة بل كانت سابقاً. حيث كانت ترد إلى المديرية 25 شكوى شهرياً أما الآن ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي فقد زاد عددها لتصبح يومياً بين 25 إلى 30 شكوى وكلها تتم متابعتها والاطلاع على المخالفات مع اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين وقد تم إغلاق أكثر من 200 فعالية متنوعة مؤخراً وخلال فترة قصيرة.
تشرين