تجري هذه الأيام تطبيقات واقعيّة لقناعات راسخة بجدوى التنمية الحقيقية للأرياف، كمصادر دخل ومطارح إنتاج طالما كانت تحقق الكفاية، بل فورات الإنتاج التي افتقدناها عندما جنح الريف باتجاه ” التمدّن” الذي وصفه بعض المراقبين بأنه تمدّن أجوف.
وخلصت دراسة صادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية إلى أهمية تعزيز سياسات التنمية الريفية، ودعم سبل المعيشة الزراعية لتشجيع المزارعين على الاستقرار في مناطقهم الريفية وعودة الأسر المهجّرة إلى هذه المناطق، وكذلك الحدّ من تزايد نسبة سكان المدن مع استمرار ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدن.
وركّزت الدراسة التي تناولت التغيرات في إنتاج السلع الزراعية الغذائية واستهلاكها في ظلّ الظروف الراهنة، على الاستمرار في توفير المستلزمات الزراعية خاصة الأسمدة والبذار بأسعار مدعومة، ودعم التسويق والتصنيع وإصلاح الأصول الإنتاجية وإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة، وبناء القدرات في مؤسسات الدولة وتأهيل الكوادر الفنية، ومنح منتجي المحاصيل الرئيسة أسعاراً مجزية لتشجيعهم على تسويقها لمؤسسات الدولة والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي وخاصة بالنسبة للقمح، وأشارت الدراسة إلى أهمية إنتاج المحاصيل التي تحقق عائداً اقتصادياً عالياً في توفير القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، ودراسة الميزات النسبية لإنتاج المحاصيل في ظل ندرة الموارد، بحيث من الممكن إعادة توزيع الموارد الطبيعية الزراعية المتاحة وترشيد استثمارها وإدارتها بأفضل العوائد الاقتصادية.
كما اقترحت الدراسة تشجيع الاستثمار في الإنتاج الزراعي والنشاطات الأخرى المولّدة للدخل ما يخفّض بشكل كبير الحاجة إلى المساعدات الإنسانية، ويكون له أثره الكبير على الهجرة الداخلية والخارجية.
واقترحت الدراسة تعزيز استراتيجيات إدارة مخاطر الدخل للمزارعين، بحيث يلعب نظام الإقراض دوراً مهماً من خلال تقديم قروض للمزارعين في الفترات الحرجة ما يساعدهم على تحقيق توزيع أفضل لموارد المزرعة والوصول إلى مستوى أعلى من الكفاءة.
وشددت الدراسة على ترشيد استخدام المياه والتوجه باتجاه زراعة محاصيل أقل احتياجاً للمياه ومتحمّلة للجفاف كالتوابل والبقوليات خاصة في المناطق التي تعتبر فيها ندرة المياه قضية حساسة جداً، وتعزيز بناء قدرات المزارعين على بيع إنتاجهم من خلال تطبيق منهجيات سلسلة القيمة (إدارة ما بعد الحصاد، التصنيع الغذائي وحفظ الأغذية، التسويق)، وزيادة القيمة المضافة.
بانوراما سورية-الثورة