بانوراما طرطوس- شذى كنعان:
سُئِل أحد الحكماء ذات يوم عن الضمير الإنساني فأجاب أن للضمير عدة أنواع ولكن أغلاها هو الضمير العربي….من المؤكد أننا سنستغرب هذا الكلام…ولكن حين طُلِب إلى الحكيم أن يشرح سبب غلاء الضمير العربي كانت إجابته بالغة في العمق والحكمة…كانت إجابته أن الضمائر الأخرى رخيصة بعض الشيء لأنها عملت كثيراً وتكاد تهترئ لشدة ما عملت بينما الضمير العربي لايزال جديدا ومغلفا بعلبته…لم يخرج منها يوما ولم يعمل أبدا..
إنه لأمر مضحك ومبكٍ في الوقت عينه….بالأحرى هو توصيف قاتل لضمير ما عرف الخروج إلى الحياة يوماً..
لا يمكن لأحد أن يتخيل حجم الألم الذي يلفنا كأبناء لأم عظيمة كسورية….هذه الأم التي ما بخلت يوما على أبنائها بحبها وحنانها…هذه الفاضلة التي جادت على البشرية ونفخت فيها روح الحياة …لابد لنا أن نتألم حين نرى أمنا تقف وحيدة في مهب رياح الكفر وألسنة نيران الحقد والتي كان مبعثها الأول ومنشأها بلدان ألفناها شقيقة فإذا بها أمكر الماكرين….عرب خانوا وباعوا كما خان أخوة يوسف أمانة أبيهم الذي استودعهم أخاهم فما كان منهم إلا ان ضربوه وعذبوه ثم تركوه وحيدا في قعر الجب…وفي نهاية المطاف باعوه بأبخس الأثمان……ولكن أكثر ما يؤلم في خضم هذه الحرب الكونية هو تسلل آفة الضمير الميت إلى أبناء هذه الأم الرؤوم فكانوا خنجرا في ظهرها…هي التي ما دارت ظهرها إلا لتواجه رماح الغدر والكفر الي تتربص بنا في كل حدب وصوب…وكأنها لم يكن ينقصها سوى عقوق أبنائها كي يشكلوا نقطة ضعف وحجر عثرة في طريق تصديها لأولئك الذين خانوا ميثاق الأخوة ولا ينفكون عن تصويب سهامهم إلى صدورنا نحن….
صحيح ان الأبناء البررة هم الغالبية العظمى بيننا لكن أولئك الذين مازالوا يحتفظون بضمائرهم مخزنة مع أموالهم في صناديق مغلقة يشكلون بؤرة لديدان الفساد التي تتغذى على الدم النازف من الجسد السوري…ولذلك يتوجب علينا كإخوة في الوطن ان نكون سيفا بيد والدتنا العظيمة وسلاحا مصوبا إلى صدر كل من يحاول الاقتراب من كرامتها قيد أنملة ولتصدح حناجرنا ولتتوحد اصواتنا منشدين ….
لاتحزني يا أم التاريخ ويا سيدة الوجود فحالك حال يوسف وكما سجد أخوته سيخر الزمان ساجدا عند طهر قدميك….