محمد منار حميجو
اعتبر نقيب المحامين الفراس فارس أن المشكلة ليس بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بل في آلية تطبيقه، كاشفاً أنه تم توقيف بعض المحامين لمجرد شكاوى كيدية بأنهم ارتكبوا جرائم إلكترونية من خلال نشرهم على صفحاتهم الخاصة ليتبين فيما بعد أنهم لم يرتكبوا أي جريمة بهذا الخصوص خلال النشر على صفحاتهم.
وفي تصريح لجريدة الوطن أضاف فارس: إن أحد المحامين تم توقيفه لمدة شهر ليتبين بعد ذلك أنه لم يرتكب أي جريمة معلوماتية، مشيراً إلى أن النقابة اتخذت إجراءات لإنصافه بعدما ثبت أنه تم توقيفه لمجرد شكوى كيدية.
وأكد فارس أن التعميم الذي أصدره وزير العدل الأسبوع الماضي حول تأكيد آلية تطبيق قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية والتميز بينها وبين حرية الرأي والتعبير التي صانها الدستور جاء في وقته، مشيراً إلى أن النقد الموجه لأي جهة عامة بشكل موضوعي لا يعتبر جريمة معلوماتية.
وبين فارس أنه في حال كان هناك إساءة وتشهير بحق أي شخص فهذا بكل تأكيد تعد على خصوصية الآخرين وبالتالي فإنه من حقه تقديم شكوى بحق الشخص الذي نشر الإساءة.
فارس أشار إلى أن حرية الرأي ليست بمعنى أن ينشر الشخص على صفحته ما يشاء وتكون في منشوراته إساءة وتشهير بالآخرين، لأن ذلك لم يعد حرية ولأن لهذه الحرية حدوداً وهي تنتهي عند انتهاك كرامة الآخرين والتعدي على حقوقهم، لافتاً إلى أنه يجب ألا يكون هناك تساهل في مثل هذه الجرائم وأنه من واجب الدولة أن تحمي حقوق الآخرين بوضع أشد القوانين التي تردع وقوع هذه الجريمة.
ورأى أن التشدد في بعض الحالات أمر ضروري وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع حقوق المواطنين لكن شريطة أن يكون هناك إثبات بذلك وألا يكون بناء على شكاوى كيدية أو على الشبهة، مبيناً أن الغاية من وضع العقوبة هو الردع وليس الغاية منها الانتقام.
وبين فارس أنه من المفروض أن يكون المحامي مرجعاً قانونياً ومن غير المقبول واللائق أن يكون موضعاً للمساءلة لأنه رجل قانون، معرباً عن أمله بأن يكون المحامون متمكنين من الإجابة عن أي سؤال وألا يكون في منشوراتهم أي إساءة للآخرين.
وأعرب عن استغرابه من عدم استشارة النقابة في مشروع تعديل قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على الرغم من المطالبات بمشاركة النقابة في كل مشاريع القوانين، مضيفاً: نحن ننتظر الشكل الذي سوف يخرج عليه من مجلس الشعب لنبدي ملاحظاتنا حوله باعتبار أنه يناقش حالياً في المجلس.
وأصدر وزير العدل أحمد السيد الأسبوع الماضي تعميماً للمحامين العامّين بيّن فيه أنه من واجب القاضي التمييز بين حرية التعبير الذي سمح بالانتقاد والإشارة إلى أماكن الخلل في حال وجودها وبين الجرائم المعلوماتية المتعلقة بالإساءة إلى الإدارة العامة أو القائمين عليها في أشخاصهم وشرفهم وحياتهم الخاصة.
ولفت التعميم إلى أن المشرع نظم مؤسسة التوقيف الاحتياطي وفقاً لقواعد واضحة وأسس علمية تعتمد على خطورة الجريمة وآثارها السلبية على المجتمع، لافتاً إلى أنه من واجب القاضي الجزائي الحارس على تطبيق القانون أن ينظر في ظروف وملابسات كل قضية ليكوّن قناعة موضوعية وواقعية والتأكيد على أن التوقيف ليس سلفة على العقوبة، وبالتالي يجب استخدام تلك المؤسسة بحذر وموضوعية لمراعاة الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي وحقوق المواطنين والإدارة العامة والموظف العام.
وأكد التعميم أنه يجب محاكمة الفاعل طليقاً في الجرائم التي لا تستدعي التوقيف حتى صدور الحكم كعنوان للحقيقة.