تخطى إلى المحتوى

حاجة الانفصال الاجتماعي..ضرورة مجهولة وسط فوضى التواصل

* ماريا حسن:

لن نخالف المنطق ونقول أن الإنسان ليس بكائن اجتماعي, ويحتاج إلى الاتصال والتواصل مع الجماعة, لكن أخالف في هذا المقال غاية الاتصال الاجتماعي لدى الإنسان والتي تختلف من فرد لآخر, ومن وعي لآخر.
يحتاج الإنسان إلى منظومة اجتماعية تنظم حاجاته الأساسية, وترسم هيكلية علاقاته بدءً من الدولة, ونهايةً بالأسرة, لكن الحاجة ليست عاطفية, إنسانية دوماً, إنما هي حاجة مصالح, حاجة نفعية, ولسنا نصنفها بالسلب, إنما هي النفعية الإيجابية التي تعود بالمكاسب على الجميع, فالإنسان يحتاج الطبيب, والطبيب يحتاج الفران, والفران يحتاج الشرطي, و…. هلم جر…
لكن حاجة الانفصال الاجتماعي أجدها أشد وقعاً عند الإنسان الذي يبلغ مرحلة من الوعي تؤهله لتقدير فن المسافات, وفن الانفصال الممنهج الذي لا يعني انعزاله, واستئصاله لمفاهيم العلاقات الاجتماعية, إنما حالة الانفصال بتركيبة نفسية خاصة به, بفلسفة ذاتية مختلفة, برؤية مختلفة عن المنظومة الاجتماعية التي لنقل في الواقع إنها غير متوازنة في عالمنا اليوم, شرقه وغربه, ولا تملك مفاتيح السعادة الإنسانية, ولا الاتزان العاطفي.
فمع معمعة الحروب, والنزاعات الدينية والسياسية, والأزمات الاقتصادية يدخل الإنسان الواعي في صراع ذاتي بين حاجته للمجتمع, وحاجته للانفصال الاجتماعي, فالمجتمع الذي يبتعد عنك أميال في الرؤية والنظرة الحياتية, والمفاهيم الإيمانية اليقينية, عليك نعم أن تعمل على انتشاله من مستنقع الجهل المبرمج, لكن أولاً عليك أن تنفصل عنه بالمفاهيم, برؤية القطيع, بنظام التقليد الذي لا يقبل طعن, ولا تعديل, على الأقل كي تحفظ درجة وعيك التي وصلتها بعد عناء وخبرات وتجارب, وعقبات.
من هنا يكون الإنسان أكثر اجتماعية, نعم في الأضداد, حيث نرى الإنسان الاجتماعي اليوم هو المغرق في هموم الآخرين, وثرثرتهم, وفي اجترار نفس الأخبار, التي يبرمج عقله عليها من قبل وسائل الإعلام, ويخوض كغيره في ترهات الممنوع, والثالوث المرعب في مجتمعاتنا العربية, وغيرها من الشذوذ الأخلاقي الذي أفرزته الحرب, وصولاً إلى كل ما يخطر في بالك من موبقات…
الانفصال الاجتماعي هنا جزء من الحل, في توظيف الوعي الذي وصلت إليه النخبة الفكرية, ونؤكد على النخبة الفكرية لا سواها, في عملية تصفية وفلترة المنظومة الاجتماعية من شوائب وآفات العولمة, والانحدار الناجم عن صراع الأقطاب السياسي, وصراع المصالح الاقتصادية, والطاقية الذي دمر سمة الكائن الاجتماعي للإنسان, وألغى خصوصية العقل والوعي وحاجته للانفصال كنوع من الاتصال الذاتي والداخلي.

 

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات