تخطى إلى المحتوى

ابن تيمية….شرخ الإسلام

طبعاً عند الحديث عن (ثقافة التكفير)، لا يجب التوقف عند ابن تيمية، بل علينا الذهاب أعمق في ذاك الموروث، فابن تيمية نفسه لم يكن صاحب بدعة بالمطلق، إنما كان و في نواحي كثيرة مقلداً و قياسياً….

* باسل الخطيب:

عند دراستنا لسيرة ابن تيمية و التي لم نتطرق إليها في هذا المقال لأنها لا تقدم و لا تؤخر في مناقشة الفكر، إنما لفت انتباهنا أمر واحد، أن لقب أو مسمى ابن تيمية لا يختص به فقط الشخص الذي نتحدث عن نتاجه في هذا المقال، علما” أن اسمه الحقيقي هو أحمد بن عبد الحليم الحراني، إنما هو مسمى العائلة التي ينتمي لها وصولاً إلى جده الخامس لأبيه، السؤال الفضولي الذي يطرح نفسه هنا : متى كانت العرب تنسب نفسها لنسائها، ألا يدعو هذا للاستغراب، و يجعلنا نتفكر أنه إذا لم يصح النسب فكيف تصح المخرجات؟…
من يفكر لا يكفر، و من يكفر لا يفكر، الاستنتاج الأساسي الذي تخرج به من قراءة مؤلفات ابن تيمية أن العقل و مخرجاته هو ألد أعدائه، و على هذا الأساس سارت كل الجماعات التأسلمية التي نحت نحو ابن تيمية، و من نافلة القول أن العقل هو أعظم و أجل خلق الله، و قد حبا الله به الإنسان ليصير إنساناً، إن مناقشة مسألة التكفير مناقشة موضوعية، تجعلنا نتوصل إلى الاستنتاج الخطير التالي: أن التكفير بحد ذاته ما كان يوماً قضية دينية، إنما كان دائماً و أبداً قضية سياسية, و هذا يوصلنا إلى النتيجة التالية: أن الكثير من الآراء الفقهية التي توارثتها هذه الأمة، و صارت بالنسبة لها أحكاماً مقدسة، لم تكن إلا أغطية سياسية للسلطة في زمانها، و هذا أمر لم تختص به منطقتنا، إذ أن التكفير قد عرفته كل الأديان السماوية و الوضعية، و عرفته كل القارات، فأوروبا التي نعرفها الآن قد قامت حدودها على أساس حروب تكفيرية دموية طوال، أزهقت ملايين الأرواح، و أنتجت فرنسا و إيطاليا و إسبانيا الكاثوليكية، و ألمانيا و هولندا و السويد و النرويج البروتستانتية، إنكلترا الانغليكانية، و روسيا الأرثوذكسية، ابن تيمية ليس مثالاً تفرد به التأسلم، هو نموذج موجود في كل الأديان، عدواً لموسى و عيسى و محمد عليهم السلام….
حسناً فعلت وزارة الأوقاف في سورية، عندما أصدرت تعميماً عام 2018، يوجب سحب كل مؤلفات ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب من الجوامع و من المكتبات، و قد قالت الوزارة أن هذا التعميم قد جاء تأكيداً على تعميم مشابه صدر عام 2013، وقد كنت أتمنى أن يكون هكذا تعميم قد صدر قبل ذلك بكثير، و لكن دعونا لا نخدع أنفسنا، ثقافة التكفير أبعد و أعمق في موروثنا من ابن تيمية و ما جاء به، و إن كنا فعلاً لا تريد أن تظهر لنا داعش أخرى بعد عقدين أو ثلاثة من الزمن علينا أن نبدأ بمحاكمة ذاك الموروث بعيداً عن ثقافة( التقديس )، و التي يحفل بها هذا الموروث، سواء كان ذلك أشخاصا” أو أفكارا” أو كتبا” أو أماكنا”، و بعيداً عن ثقافة (تبويس اللحى) ….
نعم، أعرف أنه حقل ألغام، و لكن الافضل أن تنفجر بنا عدة ألغام الآن من أن تتتهاطل علينا القنابل النووية لاحقاً…..

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات