يعتبر القطاع الزراعي أحد أهم مصادر الدخل القومي في سورية وعنصراً استراتيجياً مهماً من عناصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، وقد ساعد على تطور القطاع الزراعي توافر الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة ووفرة المياه والمناخ الملائم، ولكن خلال السنوات الاخيرة بدأت تكاليف الإنتاج بالارتفاع بشكل يهدد القطاع الزراعي برمته.تعتبر الزراعات المحمية وخاصة البندورة في البيوت البلاستيكية من أكثر الزراعات تأثراً بارتفاع الأسعار نظراً لحاجتها لمواد كثيرة مرتفعة الثمن ولكونها تشكل السواد الأعظم من نسبة البيوت البلاستيكية.
ولطالما شكلت مواسم الزراعات المحمية عماد الأنشطة الاقتصادية في الساحل السوري من خلال نسبة العاملين فيها ونسبة الأراضي المزروعة وإجمالي الأموال المستثمرة فيها. وعندما تكون المواسم وفيرة تتحرك الدورة الاقتصادية بقوة في الساحل السوري وتجر معها عجلة الاقتصاد الوطني برمته.المواسم الحالية شهدت تناقضات رهيبة فبعض المزارعين باعوا بأسعار تقل عن سعر الكلفة والبعض أو القلة باعوا بخمس أضعاف سعر الكلفة مما سبب حالة من الارتباك والفوضى في السوق.هناك تهديد حقيقي للزراعات المحمية يتمثل بـتكاليف مرتفعة جداً:
تكلفة النايلون للبيت البلاستيكي الواحد تفوق الـمليون ليرة سورية.
سعر ظرف البذور للبيت البلاستيكي الواحد حوالي 370000 ليرة سورية.
تكلفة تعقيم البيت البلاستيكي حوالي 300000 ليرة سورية.
هناك تكاليف متفرقة بين سقاية ومواد مكافحة ومبيدات وحراثة وماشابه بحوالي 500000 ليرة.
سعر العبوة الفارغة حوالي 2200 ليرة سورية وأجرة نقل المنتج حوالي 50 ليرة للكلغ الواحد.
تكاليف الكمسيون حوالي 70 ليرة سورية.إذاً تبلغ تكلفة إنتاج الكلغ الواحد حوالي 1250 ليرة سورية بدون تكاليف السقاية التي تعتمد على المازوت في ظل الانقطاع شبه المستمر للتيار الكهربائي. ولم ندخل بحساباتنا عائد رأس المال ؟
ماذا ينتظر هذا القطاع الاقتصادي المهم؟
عندما يقتصر على التسويق المحلي يتراوح السعر بين 700 و 1000 ليرة سورية وهو أقل من التكلفة بحوالي الربع وعند هذا الحد يكون غالبية المزارعين باعوا إنتاجهم بخسارة حوالي 200 ل.س للكلغ الواحد انطلاقاً من التكاليف المدفوعة فقط.
الخسارة لن تقتصر على المزارعين الذين سيعجزون عن تسديد ديون الموسم السابق و ثمن مستلزمات الإنتاج للموسم القادم وستنتقل الخسارة للصيدليات الزراعية نتيجة تأجيل قسم كبير جداً من الديون لن تكون قادرة على تمويل المزارعين والدفع على الموسم في ظل شح السيولة وإحجام الشركات عن التوريد نتيجة هزات أسعار الصرف العنيفة. وبدورها ستنتقل تأثيرات الخسارة إلى باقي القطاعات بشكل جمود اقتصادي كبير نتيجة انخفاض الطلب الفعال الناجم عن انخفاض دخل المزارعين .
الزراعات المحمية تدق ناقوس الخطر وتفرض تحركاً سريعاً من الحكومة
الحكومة بين نارين: من جهة تريد مصلحة المستهلك المنهك معيشياً بالحفاظ على مستوى سعر معتدل ومن جهة ثانية تريد مصلحة المنتج المنهك معيشياً أيضاً بتحقيق سعر يحقق عائد اقتصادي مقبول له .برأيي لا يمكن تحقيق المصلحة المشتركة لكافة الأطراف إلا من خلال قيام الحكومة بإدارة عملية التسويق بشكل يضمن تنظيم عقود تصدير نظامية للخارج تتولى الحكومة توزيعها في أيام محددة بحيث يتمكن المزارع من تصدير حوالي نصف محصوله بسعر مرتفع وبيع الجزء المتبقي للسوق المحلية بما يحافظ على السعر المعتدل للمستهلك النهائي .
- الرئيسية
- زراعة, بانوراميات
- الزراعات المحمية .. أزمة تكاليف وتسويق
الزراعات المحمية .. أزمة تكاليف وتسويق
- نشرت بتاريخ :
- 2022-05-31
- 7:58 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك