طرطوس-تحقيق فادية مجد:
في ظل التقنين الكهربائي الطويل وماخلفه من آثار سلبية على كافة القطاعات وأعمال المواطنين كان من تبعات ذلك أن انتعشت ظاهرة الأمبيرات في أحياء وأسواق مدينة طرطوس لتقدم الخدمة الكهربائية ولتكون مسعفا لمن يستخدمها في استمرار مصالحهم وأعمالهم المرتبطة ارتباطاً كبيراً بالكهرباء, ولكن الذي حدث أنها انتشرت بطريقة عشوائية وتجارية يتحكم بها أصحاب الأمبيرات والتي أصبحت تجارتهم الرابحة مستغلين حاجة الناس .
تساؤلات مشروعة ؟!
و السؤال الذي يُطرح مامدى قانونية ظاهرة الأمبيرات ومن رخصها وشرعها ؟ وهل من مراقبة وضوابط لعملها من قبل الجهات المعنية ولاسيما بعد كثرة التعديات التي نراها من قبل مستخدمي شبكات الأمبيرات على أعمدة الكهرباء ، وماتسببه من تشوه جمالي وتجاوزات ، وضجيح وتلوث بيئي ومن المسؤول عن تحديد أسعارها والذي يتفاوت بين حي وآخر دون استقرار على سعر ثابت؟
والأهم من كل ذلك أليس في انتشارها إنعاش للسوق السوداء لشراء المازوت الحر ، طالما لا مخصصات لها ، وهل شرعت نفسها بنفسها دون جهة تتبناها أو تبارك وجودها ؟!!
وخلال جولة للثورة في أحياء مدينة طرطوس لاحظنا تموضع تلك المولدات والتي انتشرت بنسبة لابأس بها ، فتشاهدها متوزعة على الأرصفة أو منصفات الشوارع أو بالقرب من المنازل السكنية ، فيما توضع علب التوزيع للمشتركين على أعمدة الكهرباء لترى بأم عينيك الأسلاك الممتدة بشكل منفر ومشوه للمنظر العام…
وبسؤالنا بعض المشتركين بالأمبيرات أفادوا أنها كانت المسعف لهم في ظل التقنين الكهربائي الطويل ، لاستمرار عملهم .
حققت خدمة..
صاحب مطعم في شارع الثورة بيّن أن الأمبيرات حققت خدمة له ، فلولاها لتوقف عمله ، فشراء مولدة يكلف الملايين إضافة لتأمين المازوت الحر وصعوبة الحصول عليه ، لافتا إلى أن الأمبيرات خلصته مماسبق ويسرت أمور عمله في المطعم ، فيما قال صاحب محل حلويات: اشتركت ب ٧ أمبير ويكلفني شهريا ٥٦٠ ألف ليرة ، وذلك من أجل تشغيل برادات حفظ الحلويات والكاتو والإنارة, موضحا أن تكلفة توصيل الشبكة كلفته ٥٠٠ ألف ليرة.
وعن ساعات الاشتراك بالأمبير ذكر أنها من الساعة ١٢ ظهرا وحتى ١٢ ليلا , وعزا ارتفاع تكلفة توصيل الشبكة لديه بسبب بعدها عن محولات الأمبير والحاجة لكبل أطول , حيث الأسعار تختلف من حي لآخر.
ولفت إلى أن الأمبير الواحد كان يكلف منذ شهرين ٦٠ ألف ليرة وأصبح اليوم يكلف ٨٠ ألف ليرة ، مؤكدا أن لا ضوابط لتلك الأسعار ، فالتجار أصحاب الأمبيرات هم من يفرضون الأسعار وتختلف من منطقة لأخرى .
“أبو مصطفى”: اشتركت بأمبير واحد لمنزلي منذ أيام قليلة ،والتقنين طويل ومزعج ، ووجدت في الأمبير خدمة كهربائية ، ولهذا اشتركت بأمبير واحد لتشغيل الإنارة والتلفاز بقيمة ٨٠ ألف ليرة، علماً أن توصيل الشبكة كلف مبلغ ٣٥٠ ألف ليرة.
رفع الأسعار لتغطية الرسوم..
وأمام هذا الاشتراك بخدمة الأمبير كان هناك رفع للأسعار في المحال التجارية والمطاعم وصالونات الحلاقة وغيرها بحجة دفع رسم اشتراك شهري بالأمبير ، والحاجة لتعويض تلك المصاريف من جيب المواطن هذا مانقلته لنا السيدة عبير مضيفة : نريد أن نعرف من الذي شرع وجود تلك الأمبيرات ؟ لندفع أثمانا مضاعفة من تلك المحال الأمبيرية ؟!
ريما علي _ من سكان المشروع السادس بمدينة طرطوس قالت : نعاني من الأصوات المرتفعة والدخان الكثيف من المحولات الضخمة التي تبيع الأمبيرات ، حتى الجلوس على شرفة منازلنا حرمنا منها وخاصة في فصل الصيف بسبب الضجيج الصادر عنها والدخان الذي ينبعث منها ، بالإضافة لأن خطوط شبكات الأمبيرات تمدد بشكل عشوائي على الأعمدة الكهربائية والأشجار ، وعملها يستمر حتى الساعة ١٢ ليلا ، رغم علمنا أن التعليمات بأن ينتهي العمل عند الساعة العاشرة ليلا..
أما محمد أحمد فقال : أنا لا قدرة مادية لي للاشتراك بالأمبيرات ، فاشتراكها الشهري أشتري به ما تحتاجه عائلتي ، ولكن المرتاح ماديا والمضطر لاستمرار باب رزقه لست ضده ، وضد تلك الأمبيرات وأصحابها ، ولكن بشرط إشراف جهة حكومية على عملها بشكل كامل ، ووضع كواتم لصوتها المرتفع وفلاتر منعاً للتلوث ، وتحديد تعرفة شبه ثابتة لمشتركيها .
شركة الكهرباء ليست مسؤولة!
مدير كهرباء طرطوس المهندس عبد الحميد منصور والذي توجهت الثورة بالسؤال له عن المسؤول عن ترخيص تلك الأمبيرات والتي غزت شوارع وأرصفة مدينة طرطوس أفاد أنهم ليسوا مسؤولين عن ترخيص تلك الأمبيرات ، مؤكدا أن دورهم ينحصر فقط بإزالة تعديات شبكات الأمبيرات الممدودة على الأعمدة الكهربائية وقد تم توجيه ١٩ إشعار مخالفة لأصحاب تلك الأمبيرات ، بضرورة إزالة تلك التعديات خلال مدة أقصاها ٤٨ ساعة .ولفت أنه في حال تكرار المخالفة تقوم الشركة العامة للكهرباء بطرطوس بتنظيم الضبوط أصولاً عن طريق الوحدات الشرطية في المحافظة وإحالتها للقضاء أصولاً.
.بدوره مدير المهن والشؤون الصحية في مجلس مدينة طرطوس فراس الموعي ردّ على جملة استفساراتنا بالقول : إن مجلس المدينة كان أول المبادرين في طرح موضوع المولدات التي تقدم خدمة الأمبيرات من خلال الكتب والمراسلات إلى شركة كهرباء طرطوس كون المدينة صاحبة الولاية على الأرصفة والأملاك العامة ، ووزارة الكهرباء هي المعنية بتوليد الطاقة الكهربائية والنقل والتوزيع والشبكة العامة وتجهيزاتها وفق القانون ٣٢ لعام ٢٠١٠
وأضاف : تم بداية العام الماضي إنذار جميع أصحاب المولدات بضرورة مراجعة مجلس المدينة بعد الحصول على موافقة الكهرباء ليتم دراسة منح التراخيص ، لافتاً إلى عدم ورود أي رد من الكهرباء بهذا الخصوص.
تحصيل رسم إشغال الملك العام..
وأوضح الموعي أنه حرصاً على المال العام صدر قرار من المكتب التنفيذي لمجلس المدينة بتحصيل رسم إشغال الملك العام للمولدات الموجودة على الأرصفة وبأعلى سعر في مدينة طرطوس ،أما بخصوص وجود تعديات على بعض أعمدة الإنارة والأشجار من قبل بعض أصحاب المولدات لتمديد الكبلات فقد قام مجلس المدينة بإنذارهم وإزالة هذه التعديات ولاتزال الأعمال مستمرة في المدينة لقمع كل تلك التعديات.
و قامت المدينة بإحصاء عدد المولدات التي تقدم الأمبيرات بداية العام وبشكل مستمر والموجودة على الأملاك العامة وفي الأملاك الخاصة ويتبين وجود زيادة في عددها وتوسعها في أحياء المدينة حتى السكنية منها باعتبار أن البداية كانت في المناطق التجارية وتم حاليا تكليف شاغلي الملك العام عن نصف السنة الأول وبأعلى سعر في مدينة طرطوس والبالغ ٥٠٠ ليرة للمتر المربع الواحد باليوم, ولدى استفسارنا عن إحصائية لأعدادها لم يجبنا ؟
وحول كيفية حصول أصحاب المولدات على المازوت لتشغيلها أفاد الموعي أنها ليست مرخصة وبالتالي ليست لها بطاقة لمخصصات المازوت وحتماً عن طريق السوق السوداء يتم تأمين ذلك وفرضنا وضع كواتم وفلاتر.
أما فيما يخص الضرر البيئي الناجم من عمل هذه المولدات فتقوم المدينة بالتعاون مع مديرية البيئة بقياس مستوى الضجيج أو انبعاث الدخان ، وفي حال كان يزيد عن الحدود المسموح بها وفق النورمات والمواصفات السورية ، يتم فرض وضع كواتم الصوت وفلاتر لتصفية الدخان مع وصل مداخن خاصة على المولدة .
وأخيرا ..عدم قانونية عمل الأمبيرات ( والكلام للمحررة) ، وانتشارها بقرار وترخيص من أصحابها لتكتفي الجهات المعنية فقط بتسجيل الإنذارات والرسوم ؟!!
بانوراما سورية-الثور