تخطى إلى المحتوى

التفكير خارج الصندوق …الكلمة الفصل في العروبة…

* باسل الخطيب:

كثر الكلام في السنوات السابقة عن العرب والعروبة انتقاداً وذماً، وازدادت حدة الكلام مؤخراً بعد رفض بعض الدول ( العربية) عودة سوريا للجامعة العربية…..
التبس على البعض، أو لنقل الكثيرين موقفي من العرب والعروبة بعد قراءة بعض مقالاتي، وخرجوا باستنتاجات غير صحيحة حول هذه القضية، وخاصة عندما كنت استعمل تعبير الأمة اياها….أو تلك الأمة…. أو تلك الصحراء التي تمتد من (ألمي إلى ألمي)، أو عندما أقول تلك القارة أو الصحراء التي تمتد من جاكرتا إلى طنجة…..
أنا من النوع الذي يستعمل مفرداته بدقة، ولا أومن أبداً أنه يوجد ترادف في اللغة، فلا ترادف عندي في تعابيري، عدا عن ذلك علمني اختصاصي العلمي أن أكون محدداً جداً في انتقاء المصطلحات….
كلامي التالي مكرر، وهذا ليس أول مقال لي في هذا الموضوع، و قد تطرقت إليه في الكثير من محاضراتي، بل كنت أول من أشار إليه في محاضرة ألقيتها عام 2012 في المركز الثقافي في طرطوس..
خذوا علماً، العروبة لم تكن يوماً مفهوماً قومياً ، ولايجب أن تكون، وإذا عدنا إلى الجذر اللغوي للكلمة، فالفعل عرب يعني فصل الجيد عن السيء، وهذه كلمة مازلنا نتستعملها في قرأنا، كأن نقول (عرب الحنطة عن الزوان) أي فصلها…… وإذا ذهبنا الى مابعد اللغة أو فقه اللغة، فالعربي تأويلاً حسب ذاك التعريف هو من يعرف الحق وينكر الباطل، والدليل أن السيد الرسول عليه وآله الصلاة والسلام قد قال ” أنا اعربكم “، أي أنا اكثركم معرفةً ونصرةً وللحق، واكثركم حرباً ونكراناً للباطل…. وفي حديث آخر يقول السيد الرسول “العروبة لنا ليست أباً واماً، إنما لسان….”، والمقصود باللسان هنا الثقافة، أي المنظومة الأخلاقية، وكلام السيد الرسول هذا يدحض أن تكون العروبة صلة دم……وتأكيداً على مفهوم العربي أعلاه، أنه من ينصر الحق ويحارب الباطل، لم ترد كلمة عربي او مشتقاتها في القرآن الكريم إلا في موضع الحمد والشكر الكبيرين، بل أن هذه الكلمة استعملت صفة للقران نفسه….
نعم أيها السادة كلمة العربي ليست اسماً إنما صفة ومرتبة ورتبة، وهذه الصفة لايستحقها الشخص إلا إن كان على ماقلنا أعلاه، وعليه تكون العروبة هي ذاك المفهوم الثقافي الأخلاقي الذي يمثل منظومة أخلاقية غاية في السمو أن تنصر الحق وتحارب الباطل……
نعم، كل كلامي في مقالاتي عن تلك الأمة أقصد به أمة الأعراب، وكلمة أعرابي هي النقيض المطلق لكلمة عربي، ويعرف خبراء اللغة أن عندما يدخل حرف الهمزة على بداية أي فعل، فإنه يقلب معناه بالمطلق، كان نقول نز النبع، أي أعطى النبع ماءً، وان نقول إنز النبع، أي جف…..
ومنه أعرب و اعرابي، وأمة الاعراب، أولئك الذين ناصروا الباطل وحاربوا الحق، والدليل البين هو من القرآن الكريم، أنه أينما استعملت كلمة أعرابي استعملت في الذم والتقريع…
نعم، أعتزوا انكم عرب، أعتزوا بعروبتكم، بل اسعوا أن تكونوا عرباً، فتلك أسمى مرتبة يمكن أن يصلها الانسان، أن يكون عربياً……
وان تكون عربياً، لا يتعارض مع أن تكون سورياً، بل أن تلك تكمل تلك، فتلك إتمام وهذه إتمام ومجموعهما هو الاكمال….لقد التبس على الكثيرين معنى كلمة سوري وسوريا، واليكم الصح، الكلمة أساساً كلمة سومرية، وعندما نقول سومرية نعني أنها قديمة جداً، كون الحضارة السومرية هي أقدم الحضارات الموجودة في المنطقة….
الكلمة اصلها سيريا، تتألف من جذرين، الاول (سير) ويعني القمة وصار يطلق لاحقاً اصطلاحاً على علية القوم وسادتهم، ومنها على فكرة أتت كلمة سير في اللغة الانكليزية، وهناك الكثير من القمم في أكثر من دولة تسمى سيرا…. أما الجذر (يا) فهو من الكلمة جيا آلهة الأرض الاولى عند السومريين، أو المسمى الاول للأرض، ومنه الجذر ( يا ) يعني ارض أو بلاد، وعليه يكون معنى كلمة سيريا هو بلاد السادة، وتم تأنيثها لاحقاً إلى السيدة….
نعم، أيها السادة، كلمة سوري هي صفة وليست اسماً، لايستحقها الشخص إلا أن يكون سيداً، والسيد لايكون سيداً إن لم ينتصر للحق و يناهض الباطل، وهكذا تتلاقى كلمتا سوري مع عربي، فإن تكون عربياً هذا يعني حكماً انك سوري والعكس صحيح، فلا تليق العروبة ولاتصح إلا للسوريين، ولا يصح أو حتى يحق أن يلحق مسمى الدولة بكلمة العربية إلا للجمهورية العربية السورية، وعلى هذا الأساس يوجد الكثير من العرب في تلك الدولة وهذه الدولة، وهذه هي الأمة العربية، منظومة أخلاقية وليست حدوداً جغرافية وكيانات سياسية،
أعتزوا انكم سوريين، أعتزوا انكم عرب بل اسعوا إلى ذلك….

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات