تخطى إلى المحتوى

بقايا خربشات مجنون آخر الليل…..

* باسل الخطيب:

ها أنا أعترف أمامكم وبما تبقى من قواي العقلية، وبعد الكأس الثالثة أنني ساذج، نعم، أنا ساذج حتى حدود الثمالة والضجر….
كم من مرة حاولت أن أترك مسافة بين هذا القلب وذاك التراب واخفقت….كم من مرة حاولت أن استقيل من كل ذاك العشق وفشلت ، كان ذاك الحليب الذي رضعته يوماً يعيدني في كل مرة….
كل تلك الدماء التي ترون، وكل تلك الجراح التي لا ترون هي بعض أثار ذاك العشق، ذاك العشق الذي صار يضجرني وماعدت أتحمله….
خمسون عاما” تقريباً وأنا التحف بالسراب، احلم بالسراب، أضاجع السراب…..
مرت سنون العمر وأنا أعتقد أن هناك قضية…..ما أصعب أن تستيقظ ذات (خازوق) لتكتشف أن حياتك كلها كانت كذبة، والإنكى من ذلك أنك مازلت تدافع عن تلك الكذبة…..
هل عرفتم غباء” أو سادية بحق العقل والروح أكبر من هذه؟؟ ….
لم أهرب يوماً من مسؤولياتي، وكانت عندي أحلامي التي تتجاوز المنزل والسيارة والزوجة والوظيفة، ولكن ثمود كانت أقوى بكثير، وصالح كان ضعيفاً وضعيفاً جداً، بل إنه كان أغلب الأحيان ساذجاً….قد اكون نجحت في أمر واحد، أنني صرت مواطناً صالحاً، ولكن كان أحياناً يستفيق في داخلي ذاك المسيح وهو يجتاح اسواق اورشليم، فألملم كل غضبي وأسكبه على الورق كلمات و آنات وبقايا قيح، واعود بعدها مواطناً صالحاً….
مرت سنون العمر وأنا صامد وصامت وصائم، لأفطر على رسالة مازلت انتظرها من بطاقة ذكية…..مرت سنون العمر لاكتشف أنني وبعد كل هذه السنين لم أكن إلا مفعولا” به أو مجرورا”، وفي أحسن الأحوال مضاف إليه أو نائب فاعل ….
ترى من قال أن شدة الإدراك داء ومصيبة؟؟…
أصارع كل تلك الحقائق الفاقعة أمامي لأحافظ على بقية أوهام أتمسك بها لأحفظ ماء وجه سنواتي المنصرمة……
هزمني باب الحارة،…
هزمتني سارية السواس…
هزمتني كل تلك المؤتمرات الحزبية والنقابية…
هزمني التطوير والتحديث….
هزمني ذاك الملتحي إياه…
هزمتني جرة الغاز….
هزمتني طبخة المجدرة….
بقية من حطام مازال يعتقد أن أول الكلام ( ماما ماما يا أنغاما)، وأن باسم ورباب مازالا على قيد الحياة….
على فكرة المعركة الوحيدة التي ريحتها كانت مع نفسي اللوامة، هل تريدون مازوخية أكبر من هذه؟؟…..
قضيتي ليست هذا التقنين، ولا جرة الغاز، وليست ربطة الخبز، ولا حتى الراتب، قضيتي ليست كل صعوبات ومشاق هذه الحياة، فأنا قد قددت من هذا الجبل، وعندي صبر صخور هذا الجبل وسنديانه….
قضيتي أنني صرت أشعر أنني غريب، قضيتي أنني أنظر للمرآة وأكاد أسال نفسي من أنا؟….قضيتي أنني بدأت أشعر أنني غبي…..على فكرة، هل سبق وقراتم رواية (اللامتنمي)؟… يبدو أن الكأس الرابعة لم تكن لازمة…..
هل تعرفون ماهو النقاش الذي خضته مع ابني اليوم، ابني الذي لم يكمل عامه السابع عشر بعد؟؟؟…ابني يفكر بالسفر خارج البلد، وأنا حدثته عن قبر عمه الشهيد, وكأن شبه ابتسامة لاحت على شفتيه، تظاهرت أنني لم ألمحها، ولكن الغصة في حلقي كانت خانقة…….

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات