بات سوريون كثر يستاؤون من ذكر شهر افتتاح المدارس، لما في ذلك من تكاليف تفوق طاقتهم ومداخيلهم الشهرية، فأصبحت مستلزمات طالب واحد تحتاج إلى أكثر من ثلاثة رواتب لدخوله فقط إلى المدرسة بلباسه الرسمي ودفاتره وأقلامه وكتبه، أي إننا لم نتطرق إلى أجور مواصلاته والدروس الخصوصية في حال كان من طلاب الشهادتين أو حتى في الصفوف الانتقالية.
بدايةً، جلنا على بعض الأسواق والمكتبات لرصد أسعار المستلزمات المدرسية، فسجّل المريول المدرسي ذو النوعية المتوسطة 22 ألف ليرة، في حين السادة (من دون طبعات أو زركشة) ذو الجودة المنخفضة فكان سعره 18 ألف ليرة، الحقائب الكبيرة التي يحملها طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية تراوح سعرها بين 40-75 ألف ليرة، أما حقائب الطلاب من الأعمار الصغيرة فوصل سعرها إلى 35 ألف ليرة.
القميص المدرسي للإناث والذكور تراوحت أسعاره بين 20-40 ألف ليرة (وذلك على اختلاف الجودة والمنطقة)، والبنطال الرمادي والكحلي بـ40 ألف ليرة، والبنطال الجينز الذي يُلبَس تحت المريول كان سعره 20 ألف ليرة، في حين تراوحت أسعار الأحذية بين 20-25 ألفاً للفئات العمرية الصغيرة وبين 30-40 ألفاً بالنسبة للفئات العمرية الكبيرة.
وفي جولة على المكتبات، كان سعر الدفتر السلك الـ 200 ورقة يبدأ من 5500 وينتهي بـ7000 وذلك حسب حجم الورقة ونوعية الغلاف، أما الدفاتر الـ 100 ورقة من النوعية ذاتها فوصل سعره إلى 2300 ليرة، أما الدفاتر العادية ذات عدد الأوراق الـ100، فبلغ سعره 1800 ليرة، والدفاتر 50 طبق 1200 ليرة.
وبلغ سعر (دزينة) أقلام الرصاص 4500 ليرة، وأقلام الحبر تراوح سعرها بين 7-10 آلاف ليرة، أما أسعار المقلمة فتراوحت بين 2500-20000 ألف ليرة، وقد تراوح سعر الممحاة والمبراة بين 500-800 ليرة، وسعر علبة الهندسة بين 5-15 ألف ليرة.
بينما صالات «السورية للتجارة» قد خلت من التنوع بالماركات والأصناف، إذ وصل سعر المريول إلى 3000 ليرة، صناعة إحدى الشركات الحكومية، وسعر القميص الأزرق والزهري 4000 ليرة، والبنطال الكحلي والرمادي 3000 ليرة، أما الدفاتر 50 طبقاً بـ1000 ليرة، والـ 100 طبق بـ2000 ليرة، والـ 200 طبق بـ3500 ليرة، أما أقلام الحبر فكان سعر الواحد منها 350 ليرة، بينما تراوح سعر الحقائب بين 15-38 ألف ليرة.
منال وهي أم لأربعة أولاد، تشير في حديثها لـ«الوطن» أنها تحتاج نحو 850 ألف ليرة لتأمين المستلزمات المدرسية لأبنائها الأربعة علماً أنها لن تختار الألبسة والقرطاسية ذات النوعية الجيدة، موضحة أن ابنتها في الصف الحادي عشر علمي تحتاج إلى نحو 300 ألف ليرة، أما ابنها الثاني وهو في الصف التاسع يحتاج إلى 250 ألف ليرة، أما ابناها الصغيران وهما في المرحلة الابتدائية فيحتاج كل منهم إلى 150 ألف ليرة.
وحول عرض التقسيط الذي قدمته «السورية للتجارة» للعاملين في الدولة بسقف 500 ألف ليرة من دون فوائد، فبيّنت منال أنها ذهبت إلى أكثر من صالة للتبضّع منها ووجدت أن الكثير من الصالات تفتقر لأنواع معينة من الدفاتر والملابس يرغب فيها أولادها، وأن الأنواع الموجودة أصنافها رديئة ولن يستطيع أبناؤها الاستفادة منها أكثر من فصل واحد على الأكثر.
من جانبه بدأ الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش في تصريح لجريدة «الوطن» بانتقاد البضائع والمواد الموجودة في الصالات الحكومية، واصفاً مؤسسة السورية للتجارة بأنها كذبة كبيرة، مستذكراً ما قاله وزير التجارة الداخلية في إحدى الورشات إن هذه المؤسسة تعدّ أكبر سلسلة سوبر ماركت في العالم تتضمن 1600 صالة موزعة على كامل الجغرافيا السورية، معلقاً على ذلك: «هذا يعني أن تكون هذه المؤسسة قادرة على تنمية السوق، ولكن هذا كلام نظري ولم يتحقق منه شيء على أرض الواقع».
وحول أنواع الألبسة المدرسية في هذه الصالات، فأشار عربش إلى أن معظم هذه البضائع من ماركات قليلة الطلب ولم يعتد عليها المستهلك السوري، مضيفاً: «أي إن معيار الجودة غائب عن الفكر الحكومي، فتكتفي بتأمين السلع مهما كان نوعها، ومعظمها تكون ذات جودة رديئة من الأصناف الثالثة والرابعة، أي إنها تنظر للشعب كمتسولين بالنسبة لها».
واعتبر عربش أن تقصير الحكومة يتمثل في عدة جوانب، واحد منها أنها تصدر قراراتها التي تمس معيشة المواطن وفق ما يرفع لها من تقارير غالباً تبيّن لها أن الوضع بخير، إضافة إلى أنها ضائعة بين أن تعمل كحكومة تدير ملفات الشعب أو أن تعمل كتاجر، مشيراً إلى أن المطلوب منها في المرحلة الحالية أن تنسحب من هذا الدور وأن توجِد المناخات والقوانين الاقتصادية السليمة، وخلق منافسة في السوق ما يدفع الأسعار للتوازن، وبالتالي تمارس الحكومة أيضاً دوراً رقابياً لضرب مكامن الخلل.
وفي السياق ذاته، قال عربش: «أسمع كلاماً من الناس حول أن تكلفة مستلزمات الطالب الواحد تتراوح بين 250-500 ألف ليرة، وهذا الأمر لا تقدر عليه العائلات، ولكن تحاول اليوم الجمعيات الخيرية أن تحل هذه الإشكالية من خلال مساعدة الناس في هذا الموسم، ولكن هذا ليس حلاً، فيجب أن يكون هذا الدور منوطاً بالمدارس التي كانت تقوم سابقاً بتحديد الطلاب الفقراء وتقديم الاحتياجات لهم، وهذا الأمر لم يعد موجود اليوم».