تتصاعد حدة التوترات في العاصمة الليبية طرابلس على نحو يُنذر باندلاع اقتتال في أي لحظة، بعد أن احتدم الخلاف بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، وأمام تأهب غير مسبوق، لم تشهده ليبيا خلال العامين الماضيين، للتشكيلات المسلحة في طرابلس ومحيطها، صدرت ثلاثة بيانات محلية وأممية تحذر مما قد يقع من مواجهات، وسط دعوات أمنية لحماية الممتلكات العامة والخاصة، وتخوفات المدنيين من تكرار المأساة التي لا تزال آثارها باقية في جنوب العاصمة.
ولكن الدعوات بتهدئة النفوس وعدم الانجرار وراء الحرب لم تكن كافية، ليدخل رئيسا الحكومتين في سجال على وسائل التواصل الاجتماعي ويزيدا من حدة التوتر، فعقب رسالة وجهها اليه باشاغا طالبه فيها بقبول مبدء تداول السلطة رد الدبيبة في تغريدة عبر حسابه على تويتر قال فيها “الى وزير الداخلية الأسبق، وفّر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب واستهداف المدنيين، لو كان لديك حرص على حياة الليبيين، فركز جهدك لدخول الانتخابات، ودع عنك أوهام الانقلابات العسكرية فقد ولى زمانها.”
وحمّل المحلل السياسي محمد الباروني، المسؤولية «للبعثة الأممية، ولكل القوى الدولية المتدخلة في ليبيا، خصوصاً التي تسببت في تعطيل إجراء الانتخابات الليبية»، في موعدها الذي كان محدداً نهاية العام الماضي.
مشيرًا إلى أن باشاغا وحليفه الأساسي، رئيس البرلمان، عقيلة صالح، وجدا أنفسهما في زاوية مظالمة، وخارج سياق الأحداث، وقراراتهما لم تعد تؤخذ على محمل الجد، لذلك بدأوا بتصعيد الخيار العسكري واستلام السلطة بالقوة.
ونوه الباروني إلى أن البيان الصادر عن حكومة باشاغا، أشبه بالنداء الأخير لحَمَلَة السلاح في طرابلس، وما يليه ليس إلا «إعلان عملية لاجتياح طرابلس».
ومن جانب آخر، يرى مراقبون بأن الدبيبة نجح في التمسك بسلطته وإضعاف البرلمان وحكومته، خصوصًا بعد قرار الجمعية العامة للمحكمة العليا برئاسة المستشار، محمد الحافي، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، المغلقة منذ 7 سنوات، التي من شأنها إنهاء الجدل القائم حول الملفات القانونية والدستورية، والصراع الجاري بين أجسام الدولة ومؤسساتها، الذي قاد البلاد نحو الإنقسام السياسي.
حيث أكد المراقبون بأن تفعيل الدائرة الدستورية من شأنه أن ينهي احتكار البرلمان لعملية وضع القوانين وطريقة تنفيذها، والتي كان يتم تجاهلها أساسًا.
وأشار المراقبون إلى أن تفعيل الدائرة الدستورية في الوقت الحالي، يجعل من قرارات المستشار عقيلة صالح التي إتخذها في الآونة الأخيرة ونتج عنها تكوين حكومة الإستقرار برئاسة فتحي باشاغا، باطلاً. الأمر الذي سيسمح لعبد الحميد الدبيبة بتقديم طعن ضد قرارات مجلس النواب والمضي قدماً نحو إنتخابات برلمانية كما توعد في وقت سابق ومن بعدها نحو الإنتخابات الرئاسية.
وبالتالي يخسر بشاغا موقعه كحكومة “شرعية” مكلفة من قبل البرلمان، وينتهي بذلك دوره على الساحة السياسية في البلاد، أو بمعنى آخر، يخسر معركته ضد الدبيبة، ومعه نفوذه بين القبائل الموالية له والجماعات المسلحة التي تكن الولاء له.
بقلم نداء حرب