تخطى إلى المحتوى

كي يحقق التعليم المفتوح غايته المنشودة

قالوا ذات يوم، إن رجلاً اشترى جملاً، يساعده في تجارته، فجعله الطمع، يثقل كاهله، بأحمال ثقيلة للغاية، كاد ينوء تحتها..، وذات مرة، كان على التاجر نقل حملٍ كبيرٍ من الملح، ولمسافات طويلة، يتخللها طرقٌ وعرة، وتضاريس قاسية، وكان يحتاج لعبور ساقية ماء، ما إن وصلها الجمل حتى تعثر بحمله، وبرك في ماء الساقية، فذاب الملح، وتخفف الجمل من ثقل حمله، وهكذا بات المشهد يتكرر كلما تصل القافلة للساقية ذاتها، ما أوقع التاجر بخسائر، جعلته بفكر ببيع الجمل، والاستغناء عن خدماته.
صديق أشار على التاجر أن يضع في المرة القادمة مع الملح صوفاً، وهكذا كان.. سارت القافلة بذات الطريق، وعند الساقية عينها، كرّر الجمل سلوكه فتشبّع الصوف بالماء،؟ وعند النهوض، كاد يكسر ظهره، ومنذ ذلك الوقت رضخ الجمل لقدره، وصار يعبر الساقية دون توقف.
هذه الحكاية، جعلتني استذكر سلوك بعض جهاتها العامة، في طريقة تعاملها مع المراجعين، في ظل ضيق ذات يد الكثيرين منهم، ولاسيما صعوبات تأمين تكاليف الحياة, وسبل العيش البسيط، وسط جنون فاضح في الأسعار، وتراجع كبير بالقدرة الشرائية، واتساع الهوة بين معدلات الدخل والإنفاق لحدود فاقت التصورات.
حديثي اليوم، عن حزمة القرارات الأخيرة الصادرة عن مجالس التعليم المختصة، برفع رسوم تقديم المواد للتعليم المفتوح، والتي جاءت بعد رفع رسوم التسجيل أيضاً.
تلك الرسوم يراها الكثيرون حقاً، ومحفزاً للطلاب بالدوام، والدراسة وتجنب حمل المواد والرسوب، لكن الواقع يشير إلى أن ظاهرة الرسوب، وانخفاض نسب النجاح، وتكرار حمل المواد لعدة مرات، لا يعود فقط لرغبة عند الطلاب بالرسوب، وتحمّل تكاليف إعادة تقديم المواد، ذاتها أكثر من مرة، فمضاعفة الرسوم، للمواد المعاد تقديمها، لن يغيّر من الأمر، نحو حثّ الطلبة للنجاح، بقدر ما يفيد بجباية الكثير من المبالغ، لخزائن الجامعة، فبدلاً من معالجة حالات الرسوب، وحمل المواد المتكرر، بالأسلوب العلمي، الذي ينهي المشكلة، ويريح الطلاب، قامت مجالس التعليم المختصة برفع الرسوم، لتزيد العبء المالي على الطلبة، ومعظمهم من الراغبين بفرص تعديل مستواهم العلمي.
فتحميلهم أعباء رسوم المواد المحمولة، يعقّد المشكله، مع وجود مبالغ المحاضرات والملخصات وأسئلة الدورات السابقة، والنماذج المحلولة، وما يدفعونه للجلسات الامتحانية التي تسبق كل مادة، كل ذلك أعباء مرهقة، تشير لوجود خلل في بنية التعليم المفتوح، تستدعي بحثاً حقيقياً ومعالجة مسؤولة للمشكلة، تجعل هذا التعليم، يحقق الغاية النبيلة التي جاء لأحلها، وذلك بوضع معايير صارمة، ومنطقية تناسب جميع الأطراف، فتكرار الرسوب، وحمل المواد، ورفع رسوم تقديمها، سيضاعف المشكلة بدلاً من حلّها، ويوهن علاقة الطالب بجامعته، ويكفي النظر لما يتحمل الكادر التدريسي من أعباء الأعداد الكبيرة للمسجلين في أقسام التعليم المفتوح، والتي تصل للآلاف، فكيف تستوي عدالة تصحيح الأوراق الامتحانية، مع وقت قصير يسبق إعلان النتائج مثلاً؟، وكيف تفسر إدارة التعليم المفتوح، تكرار العلامة ذاتها، للمادة المحمولة، وللطالب ذاته، عدة مرات؟.
على ما تقدم، يجدر بنا التذكير بالمعالجة الشاملة للمشكلة، حتى لا يكون حال طلابنا، كحال ذلك الجمل، الذي يلتف لتخفيف أحماله، وهو يظنّ أنه يحمل على ظهره ملحاً، ولم يكن يتخيل أن وراء ذلك التاجر عشرات الأصدقاء الناصحين.

بشار الحجلي

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات