تخطى إلى المحتوى

رؤى و ملاحظات متأخرة حول ورشة الدراما

أُبي حسن

عُقدت في آواخر تموز- آوائل آب 2022 ورشة عمل حول الدراما السورية حملت عنوان “الدراما السورية.. صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية”، و أقامت الورشة التي حضرها السيد رئيس الحكومة، وزارة الاعلام و لجنة صناعة السينما.

لم أتناول الورشة حينذاك لانشغالي بأمور عدة من جهة، و لاعتقادي أن موضوعاً كهذا يحتمل التأجيل، من جهة أخرى.

طبعاً، نتفهّم أن تولي الحكومة السورية اهتماماً ملحوظاً بالدراما الوطنية، فهي، عدا عائدها الوطني مادياً و معنوياً، سلاح إعلامي قد يكون فعّالاً بيد الحكومة و من حقها (بل من واجبها) استثماره، فالدراما تخدمها أضعاف ما يمكن أن يخدمها الاعلام الوطني مهما تفانى في عطائه، فمثلاً قد يبلغ عدد مشاهدي مسلسل تلفزيوني ناجح مئات الملايين، فيما لا يبلغ عدد قرّاء أهم مقال و لأهم كاتب بضعة آلاف.. و هذا لا ينفي أن الرؤية الحكومية للإعلام (المحلي) ما تزال قاصرة و تتحمّل قسطاً وافراً -أي الحكومة- من مسؤولية تراجع إعلامنا.. نسوق ذلك مع معرفتنا أن بعض منتوج الدراما السورية لا يتفق بالضرورة و الأجندة السياسية للحكومة، و ثمة أمثلة عدة على ذلك من قبيل مسلسل “دقيقة صمت” و مسلسل آخر عُرض الموسم الرمضاني الفائت و فيه اساءات عدة حتى لمؤسسة الجيش، و كان صدى ذلك العمل سلبياً عبر وسائل السوشيل ميديا…

وحال كانت الأسباب سابقة الذكر تبرر -من وجهة نظرنا- اهتمام الحكومة بالدراما قبالة عدم ايلائها عشر ذاك الاهتمام بالصحافة والصحفيين السوريين، بيد أنّه من الصعب علينا تفهّم تقاعس وزارة الإعلام عن الاهتمام بأبنائها و متابعة مطالبهم المحقة التي ليس دونها إعادة النظر في تعويض العمل الصحفي، و حق الحصول على المعلومة، و العمل على تخفيف منظومة القوانين المُكبلة للعمل الإعلامي، فضلاً عن السعي الجاد بغية التفريق بين الإعلامي المتمرّس و بين هاوي السوشيل ميديا خاصة في ظل منظومة القوانين المعوقة في بعض بنودها للعمل الإعلامي، بمعنى آخر أصبح الصحفي المتمرس ضحية هاوي السوشيل ميديا.. الخ.

بالعودة إلى الورشة المذكورة، يلاحظ أنه غاب عنها أسماء مهمة و لا يمكن تجاوزها في تاريخ الدراما السورية المعاصرة من قبيل الكاتب و السيناريست حسن م يوسف الذي سمع بالورشة من خلال وسائل الاعلام! كما لم نر فيها السيناريست حسن سامي يوسف, ولا السينارست محمود عبد الكريم و لا السيناريست الراحل قمر الزمان علوش (و كان حياً يوم انعقادها)، و غيرهم، و على مستوى المخرجين، غاب عنها مخرجو الصف الأول علماً أن معظمهم يقيم في الوطن مثلاً لم نجد بينهم المتألّق الليث حجو، (لستُ متأكداً إن كان حضرها المخرج باسل الخطيب)، كما لم نر في الورشة فنانين كبار كبسام كوسا و أيمن زيدان.. الخ، بل فقط بضعة فنانين (مع بالغ الاحترام لهم) من الفئة الثالثة و ما يليها، و مثل هذا الغياب وضع الكثير من إشارات الاستفهام حينذاك!

من جانب آخر، و بكل احترام لشخص السيد علي عنيزي، رئيس لجنة صناعة السينما (إحدى الجهتين المقيمتين للورشة) لا نعرف الكثير عن إنجازاته في عالم الدراما، و معذرة إن قلنا: ما يزال في ذهننا الكبير و المجاهد الدرامي العظيم تحسين القوادري الذي أسس و رأس هذه اللجنة فيما سبق.

كما رأيناً حضوراً لافتاً لمنتجين، أشباه أميين لا يفرقون بين كلمة “القوت” و كلمة مشابهة لها لفظاً لكنها خادشة للحياء العام، وروائح ذممهم المالية الفاسدة تزكم الانوف، فالكاتب يشكو من سوء ذمتهم و كذلك المخرج و الممثل.. الخ، و لهم دور واسع -ذلك الصنف من المنتجين- في تكريس الدراما المتخلّفة تحت ذريعة تقديم دراما البيئة الشامية (مثلاً)، و هي دراما تسيء في بعضها لدمشق و أهلها. ترى: هل هذا المنتج و أمثاله باتوا يجسّدون شعار الورشة: “الدراما السورية.. صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية” (طبعاً ستعفوننا عن تسمية من نعني، خشية من قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية و سواه من قوانين ليست في صالح الصحفي)..

طبعاً، المنتج المقصود، أصبح ظاهرة و هو حديث المعنيين بالشأن الفني منذ مدة ليست بالقليلة، و بات له تلامذة أيضاً كان بعضهم حاضراً في الورشة..

ندرك أن الدراما، هي بشكل أو بآخر، انعكاس للمجتمع، و انتاجها يتأثر سلباً أو ايجاباً بوضع المجتمع الذي تعيش فيه، من هنا نؤمن أن درامانا ليست بخير، فعدا عن بعض ما يقال حول بعض شركات الإنتاج التي ظهرت في مناخ تفشي الفساد و قد يكون وجودها عبارة عن تبييض أموال، فالكثير من مخرجينا المميزين غادروا الوطن لعدم توفر بيئة صالحة للعمل الدرامي فيه، مثلاً المخرج الأكاديمي المتميّز السدير مسعود وجد مناخاً مقبولاً للعمل في لبنان و مصر أكثر مما وجده في وطنه و إلّا لما كان  هاجر تاركاً ملعب الإخراج لحملة الصف الخامس الابتدائي (من قبيل ذاك الذي سبق أن أخرج مسلسلاً من بطولة الفنانة أمل عرفة).

ختام القول: نشكر فعلاً و قولاً الحكومة على اهتمامها بالشأن الفني و الدرامي و العمل بغية النهوض به، لكن مع الأسف كان بعض حضور الورشة ممن لا يعوّل عليهم في أي عملية نهوض هذا إن لم يكن دورهم تخريبياً.

و يبقى السؤال: لماذا تم استبعاد الأسماء التي ذكرناها -وغيرها- عن الورشة؟ أو بالأحرى: لماذا لم تحضر تلك الأسماء، ممن ذكرنا و ممن لم نذكر، ورشة هم من أولى الناس بحضورها؟

فينكس

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات