تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية تناقش خلال اجتماع برئاسة الشعار الوضع السياسي والاقتصادي الرئيس الأسد يبحث مع وزير الخارجية الأردني العلاقات الثنائية وملف عودة اللاجئين السوريين أمام الرئيس الأسد.. محافظو دير الزور ودرعا واللاذقية وحماة والقنيطرة الجدد يؤدون اليمين القانونية الرئيس الأسد يصدر مَراسيم تشريعية بتعيين محافظين جُدد لمحافظات: دير الزور، درعا، اللاذقية، حماة، وال... إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلي على مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي الشرقي الجامعة الافتراضية تخفض معدلاتها 5 بالمئة تماشياً مع نتائج الثانوية العامة … عجمي: 10 آلاف طالب متوق... الجيش أسقط 9 طائرات مسيّرة للإرهابيين بريفي اللاذقية وإدلب … الحربي السوري- الروسي يواصل استهداف مقا... المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي يحدد الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للع... الرئيس الأسد يستقبل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أكد على تقديم ما يلزم للوافدين اللبنانيين.. مجلس الوزراء يوافق على مشروع إحداث الشركة العامة للصناعا...

العروبة والإسلام وكرة القدم!

د. بسام أبو عبد الله

أتيح لي أن أتابع دراسة الدكتوراه في الاتحاد السوفييتي السابق، وجاءت فترة دراستي التي امتدت لخمس سنوات ونصف السنة في إحدى جمهوريات آسيا الوسطى وتحديداً في أوزبكستان وعاصمتها طشقند، وفيها مدينتا بخارى وسمرقند، التي استضافت قبل فترة قمة منظمة شنغهاي، وكان لافتاً بالنسبة لي آنذاك أن الأوزبك لا يميزون بين جنسياتنا العربية، أي سوري، لبناني، فلسطيني، ليبي… إلخ، وكانوا يقولون لنا «أنتم من عربستان» أي «بلاد العرب»، كما أنه لم يكن يعنيهم تقسيمات بلداننا التي نتجت عن سايكس بيكو حتى عندما تشرح لهم ذلك، ليكرروا لنا القول إنكم تتحدثون لغة واحدة هي اللغة العربية، وإنكم تتمتعون بما ليس لدينا كمسلمين، فأنتم تقرؤون القرآن الكريم، لأنه باللغة العربية، وهذا أمر هائل جداً، لا بل إن البعض من كبار السن لديهم كانوا بطريقة بسيطة وعفوية يتباركون بنا لأننا عرب، ولأن نبي الإسلام محمد «ص» عربي، وهو ما كانوا يرون فيه قضية مقدسة، كما كانوا يطلقون على بلاد الشام أسوة بكثير من الشعوب الإسلامية، وحتى تركيا بأنها «شام شريف».

مناسبة كتابتي اليوم عن هذا الموضوع هي المشاعر المختلطة والمتباينة لدى السوريين تجاه كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها مشيخة قطر، والخلط الواضح بين ما ارتكبه النظام القطري طوال سنوات عشر تجاه سورية وشعبها من تمويل مفضوح للإرهاب وصل إلى مئات المليارات من الدولارات، وبين كرة القدم كلعبة شعبية محببة لدى الكثير من الناس، وهنا سأحاول أن أثبت نقاطاً أساسية:

يعرف الجميع أن قرار استضافة كأس العالم في قطر كان قراراً دولياً مولته مشيخة قطر، وأنه بالمنطق والواقع لا يمكن لعاقل أن يفهم هذا الأمر بغير هذا المنحى، خاصة أنه لا مقومات، ولا تاريخ لدى المشيخة للاستضافة سوى المال، بدليل أن منتخب قطر كله من المجنسين، أي إن المال لا يمكن أن يصنع لك تاريخاً ومجداً.

كان بالإمكان فهم الأمر لو أن دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة استضافت كأس العالم، وهذا منطقي أكثر من حيث التمثيل والمساحة، والقدرة على الإقناع بعيداً عن البهرجة، ونفخ الذات لدى الدوحة، لكن من الواضح تماماً أن القرار الدولي هو قطر، وليس أي دولة خليجية أخرى لأسباب بدت لنا واضحة من حفل الافتتاح:

– قطر دولة حليفة للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو.

– الافتتاح كان بآية قرآنية للعب والتأثير على مشاعر المسلمين، على الرغم من أن قطر نفسها استخدمت الآيات والذقون والمشاعر الدينية، لتدمير بلدان عربية وإسلامية بأوامر أميركية، ووزير خارجيتها السابق اعترف بـعظمة لسانه أنهم أنفقوا أكثر من 137 مليار دولار على تمويل الإرهاب في سورية التي اعتبرها «صيدة»، وأفلتت من وحشية وقذارة المال القطري.

– استخدام علم فلسطين بكثافة للتغطية على وجود 50 ألف إسرائيلي- صهيوني في الدوحة، وكثير من وسائل الإعلام العبرية، وعلم فلسطين هنا، كالآية القرآنية هما أداتان للتضليل والكذب على الجمهور العربي والمسلم.

– التحشيد الإعلامي والإلكتروني لدعم مشيخة قطر وتقديم صورة براقة عنها، وغسل صورة حاضنة الإرهاب والتطرف التي قتلت مئات الآلاف من أبناء الشعوب العربية والإسلامية خلال عقد من زمن ما سمي «الربيع العربي».

إذاً المطلوب قلب الصورة، والمشهد، وغسيل الواجهة القطرية الممولة للإرهاب، باتجاه واجهة أخرى تتحدث عن السلام والانسجام والإنسانية، أي إن الوجه نفسه القذر سيعود علينا من خلال كرة القدم، وشعبيتها، وحجم الإنفاق الهائل للإبهار بوجه جديد، ودور مختلف، أليس حمد بن جاسم هو الذي قال: «نحن متعهد صغير عند الأميركيين»!

هنا أرجو ألا يفهم البعض من كلامي أنني من الذين يخلطون بين محبة كرة القدم كلعبة شعبية لدى الكثير من شعوب العالم، والسوريون منهم، وبين السياسة، فمن حق الناس أن تستمتع بالمونديال الكروي، وباللعبة الشعبية الأولى، وأن تضع السياسة جانباً، هذا صحيح تماماً، ولكن ليس من حق أحد تحت عنوان «كرة القدم» أن يجعلنا لا نرى الصورة على حقيقتها، ونقدمها للجمهور، ذلك أن العروبة مشاعر وثقافة وانتماء ولغة وهوية، وليست إعلاماً وشعارات، وخطابات ملتوية يضحك بها على ذقوننا، ونحن نميز بوضوح شديد بين الانتماء والهوية العروبية، وبين ممارسات الأنظمة على اختلاف أشكالها، فالعروبة ليست ملكاً لآل ثاني كي يحتكروها، بل هي إرث حضاري وتاريخي طويل، وطويل جداً، كما أن ممارسات الأنظمة العربية وسلوكياتها يجب ألا تدفعنا لكراهية كل شيء حولنا بما في ذلك لغتنا وانتماؤنا وثقافتنا، فالانتماء الأكبر هو الأساس، وليس الانتماءات الصغيرة كالطوائف والمذاهب والإثنيات… إلخ، وهنا أقول بكل وضوح إن مشاعري الطبيعية كانت مع المنتخب السعودي في مباراته مع الأرجنتين، وإنني فرحت لفوزه يوم الثلاثاء الماضي، كما أن مشاعري كانت مع تونس في مباراتها، وستكون مع المغرب كذلك، هذه مشاعر طبيعية لكل عروبي حقيقي من دون مزايدة بغض النظر عن هذا النظام السياسي أو ذاك، فالحرب على سورية كان من أحد أهدافها قتل وتدمير الانتماء والهوية العربية، وتحويلنا إلى طوائف ومذاهب وعشائر تتقاتل مع بعضها لمئات السنين، ولذلك فإن العروبة هي الانتماء، الذي يخرجنا من قوقعة الانتماءات الضيقة والقاتلة، باتجاهات أكثر رحابة وإنسانية و رقياً.

أما الإسلام فقد حوله القطريون بأمر أميركي إلى مذاهب، وطوائف، وليس إلى قيم وأخلاق تنهض بالمجتمع، واستخدموه من خلال فتاوى الاتحاد العالمي للمجرمين المسلمين، بزعامة المأفون يوسف القرضاوي، إلى أداة إجرامية بيد حلف الناتو، وأنتجوا لنا داعش والنصرة وأخواتها الذين قتلوا من المسلمين مئات الآلاف، ودمروا بلداننا وجامعاتنا ومدارسنا ومعاملنا و بنانا التحتية، وأفنوا جيلاً كاملاً باسم الدين، ولهذا فإن أحد أهم واجباتنا هو وقف استغلال هؤلاء للإسلام سواء في كأس العالم أم غيرها من المناسبات.

الدين أيها السادة ليس بضاعة تباع وتشترى، وليس مادة للمناسبات، إنما قيم ومبادئ وأخلاق وممارسة وعمل، والدين مقاصد سامية وليس شكليات من دون مضمون، القضية هنا أنه آن الأوان كي ندرك ذلك من دون أن يخدعنا أحد مرة أخرى باستخدامه لآية قرآنية في افتتاح كأس العالم، وهو الذي مول بمليارات الدولارات عصابات القتل والإجرام، ليجعلنا نكفر بالإسلام والإيمان، تمهيداً للاجتياح الثاني بعد كي الوعي، والاجتياح الثاني أقصد به إحلال قيم الليبرالية المتوحشة، بعد إحداث الفراغ كالشذوذ الجنسي، وتدمير قيم الأسرة، وتفكيك المجتمعات، وتدمير الهوية القومية… إلخ.

ولمن يريد أن يعرف أكثر أن كرة القدم تحولت إلى أداة في المشاريع السياسية عليه أن ينظر إلى منتخب إيران، وكيف استثمرها بعض لاعبيه للحديث عما يجري في بلادهم، على الرغم من أن الرياضة يفترض بها أن تكون عامل جمع وتوحيد وارتقاء بالروح الرياضية، وليست أداة سياسية لمهاجمة هذا الطرف أو ذاك، والحالة السورية نموذج للدراسة، إذ استخدم الفن والرياضة والدين والتكنولوجيا، ضمن إطار الحروب المركبة التي خيضت علينا، وأما روسيا فقد استخدمت ضدها أيضاً اللجنة الأولمبية الدولية، والاتحاد الدولي لكرة القدم والأدب والفن والموسيقا، ومنع الإعلام الروسي، وتم تكميم الأفواه، وبقية الرواية معروفة.

ما أود إيصاله باختصار لقرائي الأعزاء ما يلي:

– استمتعوا بكرة القدم والمونديال.

– لا تنسوا أن العروبة والإسلام ليسا ملكاً لأحد.

– لننتبه أن كل شيء يستخدم في الحروب بما فيها كرة القدم.

– لنر الصورة من جوانبها كافة، وليس من زاوية واحدة، فإذا كنت أكره الأنظمة العربية وهذا حقي، فإن ذلك لا يعني أن أكره عروبتي أي هويتي وانتمائي، فالخلط في هذا الأمر خطير.

– نحن لا نتعاطى بالشماتة، وعقلية الانتقام، بل نتعاطى بقيمنا وعروبتنا وإسلامنا الصحيح، والأهم بمشروعنا الذي يجب أن يشكل عوامل نهضتنا وقيامتنا.

– الأهم من ذلك كله: أن العلاقات بين الدول قد تعود يوماً ما بما في ذلك دمشق والدوحة، دمشق والرياض، لكن أهم درسين مهمين:

– لا تنس وتعلم الدروس المستخلصة.

– لا تُسند ظهرك لمن طعنك سابقاً.

الوطن

 

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات