تخطى إلى المحتوى

كي لا تتكرر المأساة..

*عبد العزيز محسن:
تثبت الوقائع يوما بعد يوما مدى هشاشة وسوء البنية التحتية لقطاع الخدمات في بلدنا، وحجم الاستهتار واللامبالاة بحياة الناس من قبل القائمين على إدارة القطاع الخدمي في الوحدات الإدارية وصولاً إلى أصحاب القرار في الوزارات المعنية ومن المخططين والمشرفين والمنظرين والمتغنين بالإنجازات..
المأساة او الفاجعة التي حدثت امس في مدينة اللاذقية والتي اودت بحياة الشابة ندى داؤد بسقوطها في إحدى فتحات تصريف المياه تُعطي المثال الحي على ما نتحدث عنه وتكشف حجم الإهمال وعدم الاكتراث الذي يتعرض له قطاع الخدمات في معظم مدننا ومناطقنا.. ولكن السؤال هنا هل يتعلق الأمر بالإهمال فقط.. أم أن هناك اسباب اخرى لما يحدث.. بالتأكيد هناك اسباب أخرى مخفية وربما “مسكوتاً” عنها، وتتعلق بالدرجة الأولى بعدم تزويد الوحدات الإدارية بالإمكانات والصلاحيات اللازمة للقيام بمعالجة بعض الحالات الإسعافية الطارئة وما يرافق ذلك من إجراءات بيروقراطية للحصول على الاذن والاعتماد المالي وربما الحاجة الى طرح مناقصة ودفتر شروط او “بوسة ذقن” وما الى ذلك من أمور معروفة في العمل البلدي.. نتحدث هنا بشكل عام وعن جميع البلديات الصغيرة والكبيرة، وطبعا ما نتحدث عنه لا يندرج في سياق التبرير او الدفاع عن إدارات البلديات بل لتبيان واقع عملها ولمحاولة توصيل رسالة بضرورة دعمها وتزويدها بالصلاحيات الفعلية والإمكانات الفنية والمادية اللازمة لتنفيذ بعض المهام الإسعافية لحالات طارئة كما ذكرنا آنفاً.. ولا بأس من إعطاء مثال لتوضيح الفكرة اكثر.. كم من ريكار مفتوح او حفرة كبيرة وعميقة في شوارع وطرقات المدينة او البلدة او الحي يسكنه كل منا؟؟ ألا تشكل هذه الحالات “مشروع حادث” قد ينجم عنه إصابات وربما وفيات لا سمح الله….طبعا المسؤولية هنا تقع على عاتق البلدية بإغلاق الحفر وإحكام تسكير الريكارات، ولكن لمعلوماتكم ايها السادة قد تفتقر غالبية البلديات في بلدنا لوجود العمال والمعدات والمواد اللازمة لمعالجة مثل هذا العمل الذي قد نراه بسيطاً وغير مكلف ولكنه في حقيقة الأمر قد يحتاج الى كتب ومراسلات وموافقات لمنح الاعتمادات لتنفيذ المطلوب- كما ذكرنا- وقد يستغرق شهورا وربما سنوات.. مثال آخر نورده من وحي حادثة الأمس حيث اخلت الشركة العامة للصرف الصحي في اللاذقية مسؤوليتها عن الفياضانات وغمر الشوارع بمياه الامطار مؤكدة عدم تلزيمها بأي مشروع لتعزيل قنوات الصرف الصحي والمطري منذ عدة سنوات، في حين اكد احد اعضاء مجلس المدينة وجود مشاريع عديدة لعقود الصيانة والتعزيل ولكن لم يتم رصد الاعتماد المالي اللازم لتمويلها وتلزيمها… وهذا مثال اضافي يدعم فكرة وجود خلل في المفاصل الإدارية الأعلى على صعيد الأولويات والتنبؤ والإنذار المبكر – إن صح التعبير- لمنع وقوع الحوادث المؤسفة والتدخل السريع لمعالجة أي حدث طارئ أو اية مشكلة تتعلق بقطاع الخدمات مهما كان حجمها والتي قد ندفع ثمنها غالياً..
نعم هذا هو الواقع للأسف.. والذي يترتب على الحكومة مسؤولية الإسراع في وضعه بأعلى سلم اهتماماتها والأوليات لديها والعمل على معالجة اية ثغرة في تفاصيل العمل الخدمي للوحدات الإدارية.. ومن بعد ذلك تشديد الرقابة والمحاسبة على أي تقصير او إهمال..

بانوراما سورية

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات