تخطى إلى المحتوى

بماذا ندعو؟

*ماريا حسن
ينام الشعب, ويقوم الشعب على أحلام, ودعوات, بات يخاف تناقضها مع واقعه, هذا الواقع الذي خرج عن المنطق منذ زمن, وراح يأكل لحومهم وهم على قيد الحياة.
في موسم الشتاء بات هناك عباد يوسمون بالكفرة, لأنهم لا يدعون بأن تمطر, وتغرق الدنيا بالثلج, يوسمون بالزنادقة, وهم في الواقع فقراء, جائعون, يشعرون بالبرد منذ ألف عام, ما همهم إن أمطرت, إن امتلأت مياهنا الجوفية, أو تم الحفاظ على الأمن الغذائي للعالم, لأنهم يحلمون, ويدعون بحفظ حاجاتهم, وماء وجههم, وإشباع بطونهم, وتدفئة عظامهم.
ما عدنا نعرف بماذا ندعو, فالبرد قارس, والوقود حلم مسافر في صحراء منفى العمر, أين الهرب؟ يتساءل مواطن, فيجيبه شيخ جليل من خارج دائرة النساك النصابين, بأن توكل على ربك, نعم, ربنا ينزل البلاء واللطف معاً, لكن بلاءنا من صنع عبيد الله, من صنع جشعهم.
وهناك من يدعو بألا يكون هناك شتاء بالمرة, ففي بلدنا هذا الشعور الرومنسي بكوب القهوة الدافئ مع نغمات موسيقى كلاسيكية, وأيدي عشاق حالمة, شبه معدوم, إلا لدى الطبقات محدثة النعمة, حيث أنه لديها من الرفاهية ما يمكنها به الاستمتاع بطقوس الشتاء التي غابت عنا لسنوات, وسنوات..
نحن لا نحب ثقافة الندب, ولا سيفيدنا في شيء ندب الحظوظ, ولا لعن الفساد, لكننا حقاً في حيرة من أمرنا بماذا ندعو ربنا؟ بالفرج, والدفء المخلوط بالمطر, المطر الرحيم, الذي ما عاد يشبه إنسان هذا العصر, إنسان المصالح, وأكل لحم أخيه..؟
سندعو بشتاء رحيم.. بمعجزات قد تكون غريبة عن واقعنا, لكنها ليست غريبة عن إيماننا.. سندعو بخوارق تقلب صخر هذا البلد وتحوله إلى تراب حميم يحتضن دموعنا, وآلامنا, وآمالنا, سندعو بكل ما لا يمكن سماعه, بكل ما لا يمكن قوله, بالخير الأعظم الذي إن عمّ, علم الإنسان بماذا يدعو.

 

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات