تخطى إلى المحتوى

هلوسات مابعد الكأس الرابعة….. الجزء الأول

*باسل علي الخطيب:

في سورة الكهف، و في الآيات من 32 إلى 44، قصة حوار بين رجلين، أحدهما يتباهى بامتلاكه جنتين زاهيتين غنيتين، ويتفاخر بهما على جاره، و الثاني يرد عليه و يحذره من مغبة الشرك والكفر باللّه سبحانه و تعالى…..

لطالما استوقفتني هذه القصة و ذلك الحوار، أن الثاني يتهم الأول بالتهمة الأكبر ألا وهي الشرك….
أعدت قراءة ماقاله الأول من الآية 32 حتى الآية 36، لعلي اكتشف الأسباب التي جعلت الثاني يتهمه هذا الاتهام الخطير.، لعلي اهتدي إلى الكلمات التي تدل على ذلك….
و في النهاية اهتديت إلى تلك الأسباب. والكلمات….

يقول الاول عن جنتيه ” .. .. ما أظن أن تبيد هذه أبداً….. “، عندما يعتقد أحد ما أن شيئاً ما، أياً كان هذا الشيء لا يفنى، أو لا يتبدل، أو لا يتحول من حال إلى حال، فهو يشرك هذا الشيء مع اللّه سبحانه و تعالى بهذه الصفات، فاللّه سبحانه و تعالى وحده هو الذي لا يفنى و لا يتبدل و لا يتحول من حال إلى حال، من هنا كانت تهمة الشرك الذي حذر منها الثاني الاول….

ذُكرت كلمة سبح و مشتقاتها في القرآن الكريم مئات المرات، و لكن ماذا تعني هذه الكلمة؟ قد تكون أشهر الآيات التي وردتها فيها هذه الكلمة هي ” يسبح لله ما في السموات و ما في الأرض”، و لكن ماذا تعني هذه الكلمة سبح؟……

بالعودة إلى المعجم، الفعل سبح يفيد الحركة، أي أنه أحد أفعال الحركة، ولايفيد الحركة أي الانتقال من مكان إلى مكان فحسب، بل يفيد التبدل كشكل من أشكال الانتقال من حال إلى حال، و عليه عندما ترد هذه الكلمة أينما تردةعلى لسان من ترد، فإنها تشير إلى أن كل الموجودات في الكون، تقرّ لله عز و جل بتسبيحها أي بحركتها، أنها قابلة للتبدل و التحول و الفناء، و أنها تنزه – طوعاً أو كرهاً- الله عز و جل عن كل ذلك….

طبعاً، المقدمة أعلاه لها غاية، لننتقل إلى مستوى آخر من الحديث….
لست أعرف لماذا أخرجوا كوكب بلوتو من عداد كواكب المجموعة الشمسية، هل لذلك بعد غير البعد العلمي؟!.. أكاد أجزم بنعم….

على كل الأحوال عند بلوتو ميزة فريدة عن كل الكواكب الأخرى، كل مدارات الكواكب الثمانية الأخرى هي في مستوى أفقي مع الشمس، أي أن محور الشمس يتعامد تقريباً معها، أما بلوتو فيدور في مستوى عمودي مع الشمس، أي أنه يتوازى تقريباً مع محور الشمس….
يتقاطع مدارا بلوتو و نبتون نظرياً في نقطتين، تم إجراء حسابات لتحديد احتمالية تصادم الكوكبين، كانت النتيجة أن احتمالية التصادم معدومة…
مدارا الكوكبين عبارة عن معادلتي قطعين ناقصين، ومع إدخال سرعتيهما في الحسابات، و إدخال الزمن كبعد رابع، فإنه لايوجد حل مشترك لجملتي هاتين المعادلتين، مما يجعل إمكانية تصادمهما مستحيلة….

هل يعقل أن هذه النتيجة صدفة؟…
حسناً، قد يطرح أحدهم السؤال التالي، وهو سؤال مشروع، هل هناك معادلتين أخريين لمسار الكوكبين، و سرعتين مغايرتين تجعل احتمالية التصادم معدومة ايضاً؟؟…..
و إن كان هناك معادلة أخرى و سرعة أخرى فما الذي يمنع وجود ثالثة و رابعة و خامسة؟؟!!!……

في التحليل الرياضي المعادلة f(x)=0، تقبل حلاً على مجال ما [a,b]، إذا تحقق الشرطان التاليان:
أن يكون f(a)× f(b)<0 ، أو بكلام آخر، التابع ينتقل من قيمة موجبة إلى قيمة سالبة أو بالعكس، ٱما الشرط الثاني فهو أن يكون التابع مطرداً تماماً على المجال المذكور، أي أن يكون متزايداً أبداً أو متناقصاً أبداً…..

بالعودة إلى كوكبي بلوتو و نبتون، وجود أكثر من احتمال لعدم التصادم، يعني وجود فوضى في الحركة من حيث السرعة و من حيث المسار، مع انعكاس ذلك على بقية الكواكب والاقمار المحيطة، حسب قانون الجذب الكوني لنيوتن، والذي يفترض وجود قوى تجاذب متبادلة بين الإحرام السماوية، تتناسب طرداً مع كتلتها، وعكساً مع مربع المسافة بينها، و سينتج عن ذلك عشوائية لا منتهية، و هذا ليس ملحوظاً كما نعرف…
“فكل في فلك يسبحون”…
“و كل يجري إلى مستقره”…
طبعاـ أنا لا استعمل هذه الكلمات من القرآن الكريم لتثبت صحة استنتاجاتي، إنما استعملها لأنها المختصر المفيد الاكثر بلاغة في التعبير….

عدا عن ذلك، حركات كل الإجرام السماوية التي نراها في مجموعتنا الشمسية بما فيها المذنبات، تخضع لقانون نيوتن الاول، حيث نلاحظ أن هذه الاجرام ذات مسار ثابت، وسرعات ثابتة ضمن كل قسم من مسار حركتها، بكلام آخر أن الجرم السماوي عندما يعود إلى ذات النقطة بعد دورة كاملة، فإنه يعود إليها بذات السرعة وذات الانحراف عن محوره، هذا الثبات يجعلك تظن أنها و كأنها ساكنة، ولكنها ليست ساكنة، حتى أننا نستطيع التوقع بدقة مسار حركتها لمئات بل لآلاف السنين أو اكثر…..

أنا لا أريد بكلامي أعلاه إثبات وحدانية اللّه عز و جل و أحاديته، إنما أناقش بعض الحقائق العلمية من ذات المنطق أو ذات المبدأ التي وُضعت على أساسه تلك الحقائق….

ولكن ماذا عن الشمس؟… أليست ساكنة؟… ولكن القران الكريم يقول عن الشمس “…. والشمس تجري لمستقر لها…” حسناً، الشمس ليست ثابتة، ليست ساكنة، لايمكن أن تكون كذلك، هي تدور، حول تفسها، وحول مركز المحرة، كما غيرها من الاجرام، ولكن كيف يعقل هذا؟، هذا يعني أنها تغير مكانها، فكيف يعقل في هذه الحالة أن الكواكب تدور حولها في مدار ثابت؟؟…

إليكم بعض الجنون، أعتقد أن التعبير الصحيح لحركة الكواكب حول الشمس، ليس أنها تدور حولها، إنما الكواكب تلحق بها، تلحق بها وفق حركتين، حركة دورانية حولها، تأخذ شكل قطع ناقص، حيث تكون أقرب مايمكن الشمس عندما تكون امامها، وابعد مايمكن عن الشمس عندما تكون خلفها، و حركة انسحابية متزامنة مع حركة الشمس الانسحابية ولها نفس سرعة الشمس الخطية……

هذا يعني أن لكل كوكب ثلاث حركات، الأولى حول الشمس، والثانية حول نفسه، والثالثة انسحابية، الحركة إلأولى تصنع المكان، والثانية تصنع الزمن، والثالثة تصنع الأقدار ….

كلامي أعلاه يشير أو يؤكد مبدأ الحتمية، الفيزياء الكلاسيكية (فيزياء نيوتن)، والفيزياء النسبية (فيزياء اينشتاين)، تؤكدان مبدا الحتمية…..

بل أزيد على ذلك، أننا وفق مبدا الحتمية إياه نستطيع نظرياً رؤية الماضي، فقد أثبتت التجارب أن الضوء ينحرف بفعل الجاذبية إن كانت كبيرة، هذا يعني أنه لو تمكنا من وضع راصد ما في نهاية قوس الانحراف، سيكون قادراً على رؤية كل الاحداث التي مرت ضمن قوس الانحراف، وهذا طبعاً غير ممكن عندما يكون الضوء يسير ضمن خط مستقيم، لأن مسقط الخط المستقيم على مستوى عمودي هو نقطة، وقولاً واحداً لايمكن رؤية ماخلف النقطة…..

اريد أن أشير إلى نقطة مهمة، كان السؤال أعلاه الذي سميته بالسؤال المشروع، قد تم طرحه في سياق إثبات عدم وجود صانع أو خالق للكون….

واليكم القصة….
النظرية الأشهر المعترف بها على مستوى المجمع العلمي العالمي عن نشأة الكون، هي نظرية الانفجار العظيم، المحاكاة الحاسوبية للنظرية، بينت أنه لو حصل أنزياح زمني وأخيراً أو تقديماً بمقدار جزء من ترليون من ترليون من ترليون جزء من الثانية لبعض عمليات تشكل بعض العناصر، وتحديداً الكربون والهيدروجين، لما تشكلت هذه العناصر، وبالتالي لن يكون هناك وجود للحياة لاحقاً، لأن هذين العنصرين يشكلان أساس الحياة العضوية، مما يجعلنا نستنتج أن (الكون) كان وعن إدراك مسبق، يحضر الظروف المناسبة لنشوء الحياة بعد أربعة مليارات سنة من الانفجار العظيم، وفق معايير دقيقة جداً، هذا جعل العلماء يستنتجون أن الكون يملك وعياً، وهذا يعني حكماً وجود عقل الواعي، وهذا يفضي إلى وجود الله…..

كان وقع هذه الاستنتاجات على بعض المجمع العلمي كالصاعقة، لذلك تم طرح نظرية متقدمة اخرى لنشوء الكون رداً على تلك الاستناحات، هي نظرية الأكوان المتعددة أو المتوازية، هذه النظرية تقول أنه نتيجة الانفجار العظيم قد نشأ عدد كبير من الاكوان، وإحداها بالصدفة نشأت فيه ظروف مناسبة للحياة، وهذا الأمر مقبول حسب قانون الاحتمالات، وبالتالي هذا لا يستدعي وجود وعي، وبالتالي ينفي وجود الواعي…..

يتبع……

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات