مادلين جليس
لعلّ أبرز ما يتوضح من ما يعلن من قرارات لمنح القروض التي تستهدف ذوي الدخل المحدود أن هذه الطبقة أضحت أشدّ فقراً من جهة، وأن هذه القروض باتت تنضوي ضمن إطار الدعم الاجتماعي من جهة أخرى، لاسيما إذا ما علمنا أن قيمة هذه القروض قد لا تتعدى ثمن قطعة أثاث منزلية في أغلب الحالات!
من وجهة النظر نظر أكاديمية، يعتبر المصرفي الدكتور علي محمد أنها تتوجه في أساسها لدعم الجانب الاجتماعي، أكثر من كونها تستهدف الجانب الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذا الهدف يتوضح من كل القروض التي يتم الإعلان عنها في الوقت الحالي من المصارف العامة، فالسقوف الممنَوحة منخفضة مقارنة بالمستوى العام للأسعار في البلد، وبنفس الوقت، يأتي انخفاض هذه السقوف تماشياً مع انخفاض مستوى دخول الموظفين ليتلاءم مع شروط القرض من ناحية القسط الواجب اقتطاعه والكفيل والضمانة المطلوبة.
وبين محمد أن قرض مصرف التوفير والذي هو بسقف 5 مليون لشراء مستلزمات كهربائية أو نسيجية أو غذائية، يندرج ضمن نفس الخانة، وهي كما وصفها: مساعدة ذوي الدخل المحدود على تأمين بعض مستلزماتهم الاستهلاكية في ظل شح دخولهم وعدم قدرتهم على تلبية متطلباتهم اليومية، لذلك فإن منح هذا القرض برأيه قد يسهم بشراء بعض هذه المستلزمات للعائلة التي ربما تكون عاجزة عن شرائها حالياً.
ربما التحدي الأبرز في هذا السياق هو أمام السورية للتجارة ومدى قدرتها على إثبات قدرتها على استجرار المواد والمستلزمات الممولة بمثل هذه القروض، إضافة إلى أهمية أن تكون هذه السلع من ماركات جيدة تحترم شروط البيع وخدمات ما بعد البيع، لا أن تكون من أردئ الأنواع، وهنا يبين محمد، أن ذلك سنعكس إيجاباً على الشركات، ليس فقط من ناحية زيادة الطلب من السورية للتجارة وتصريف المنتجات، بل يمتد حتماً إلى زيادة الإنتاج لدى هذه الشركات المتعاقدة مع السورية للتجارة، وزيادة في أرباحها بالمحصلة.
ويؤكد محمد أن كتلة القروض التي سيتم ضخها في الأسواق ليس لها الأثر الاقتصادي المتوقع أو المأمول، فبرأيه أن ضخ المبلغ ستستفيد منه الشركات المنتجة بشكل حصري، وهذا يعني عدم ضخها في الأسواق، بل إلى حسابات الشركات التي تضع إنتاجها من المستلزمات الممولة في صالات السورية للتجارة، وبالتالي فإن ضخ الكتلة من القروض لن يكون له أي تأثير سلبي في الأسواق، بل إنه سيحول إلى حسابات الشركات لتقوم هي بدورها بتمويل نشاطها التشغيلي والإنتاجي كالعادة.
وأشار محمد إلى أن قرض الـ5 ملايين يمكن أن يشتري غسالة من شركة بردى مثلاً بسعر 2.5 مليون ليرة، تمول من مصرف التوفير بقرض بفائدة 12.5٪، وربما تحصل السورية للتجارة على نسبة ربح تتراوح بين 2٪ إلى 5٪، أما الباقي فيذهب للمورد.
زياد هزاع مدير عام السورية للتجارة، أكد أن منتجات شركة بردى هي من أجود الأنواع في الأسواق حالياً، كما أنها الأرخص، مبينا في تصريح لجريدة “البعث” أن القرض متاح لكل ذوي الدخل المحدود بضمانة كفيلين أو كفيل واحد وبما لا يتجاوز٤٠٪ من الراتب الشهري، كما أنه متضمن كافة السلع المتوفرة بالمؤسسة السورية للتجارة، من سلع كهربائية ومنزلية وسجاد وحتى مواد غذائية، مشيراً إلى أنه في الأيام القادمة سيتم تشميل الطاقة الشمسية بالقرض، مع عدم اشتراط شراء سلع أو منتجات محددة، بل للمقترض حرية الشراء واختيار ما يرغب بشرائه.
أما في رده على الانتقادات التي توجه للقرض وللسلع المفروض شرائها من خلاله، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأدوات الكهربائية بشكل خاص، فنفى هزاع كل ما يقال عن أن هذا القرض لا يشتري إلا سلعة واحدة، وأضاف: أغلى سلعة مثلاً وهو البراد لا يتجاوز سعره الـ 2.5 مليون ليرة، ولا يوجد أي سلعة يصل ثمنها لـ 5 مليون ليرة، مشيراً إلى أنه من شروط القرض ألا يقتطع من الراتب أكثر من 40% من دخل المقترض بحسب تعليمات المصارف.
بانوراما سورية-البعث