عزز النقص الحاصل في مادة الإسمنت مؤخراً وارتفاع أسعاره في السوق الى أكثر من 800 ألف ليرة للطن، المخاوف من أن يؤدي هذا النقص إلى مستويات أعلى في الأسعار مستقبلاً ما بات يشكل عبئاً آخر على مشاريع السكن الجديدة وعمليات الترميم في محافظة درعا، في وقت يشهد فيه قطاع البناء تراجعاً ملحوظاً يدفع به باتجاه الركود مجدداً، وذلك قياساً إلى الحركة النشطة التي كانت تسجل في سنوات سابقة.
وبحسب متخصصين في الشأن العقاري في المحافظة فإن نقص مادة الإسمنت وتالياً ارتفاع أسعاره، سينعكس ليس فقط على مشاريع البناء وإنما أيضاً على الكثير من المهن الملحقة بهذا القطاع الحيوي والتي يشكل الإسمنت قوامها، مثل معامل البلوك والسيراميك والرخام والصحية وغيرها، والتي ستشهد هي الأخرى ارتفاعات في الأسعار في قطاع لم يعد ينقصه مزيد من الهزات، حسب وصفهم.
بدوره لم يكتفِ أحمد الشحادة وهو أحد متعهدي البناء بتحميل الإسمنت وحده المسؤولية عن الجمود الحاصل في حركة البناء، فأسعار الحديد باتت أعلى من قدرة الكثيرين بعد أن تجاوز سعر الطن أكثر من 6.5 ملايين ليرة وهو رقم خاضع لسعر الصرف، فيما ارتفع سعر متر الرمل والبحص إلى 100 ألف ليرة، كما وصل سعر البلوكة الواحدة إلى أكثر من 2000 ليرة، هذا إضافة إلى أجور العمال وأجور النقل التي تضاعفت عما كانت عليه قبل شهور.
وأضاف المتعهد: “نحن نتحدث عن أرقام تعد بالنسبة للكثيرين أرقاماً فلكية، ما يعني أن أي مشروع بناء حتى لو كان بسيطاً “من قريبو”، بل وكنوع من الترميم، يحتاج إلى تكاليف بعشرات الملايين، ولعلّ هذا ما جعل الحركة مقتصرة، على فئة المقتدرين مادياً أو المغتربين، وضمن الحدود الدنيا، فيما بات يحسب الأغلبية ألف حساب لأي عملية بناء أو ترميم مهما كانت بسيطة، وحتى لو احتاجت إلى كيس واحد من الإسمنت.
ويكفي للدلالة على حجم التراجع الذي يشهده القطاع إعادة تصريح أمين سرّ فرع نقابة المهندسين بدرعا المهندس موسى أبو زريق الذي أكد أن عدد رخص البناء المصدقة تراجع بشكل كبير موخراً، فبعد أن كان عدد الرخص 1980 رخصة في عام 2021، تراجع إلى 1100 رخصة العام الماضي، ومن هنا يمكن توقع مزيد من التباطؤ هذا العام مع ما يفرضه ذلك من تداعيات على قطاعات كبيرة ملحقة، خصوصاً أن قطاع البناء يعد مولِّداً رئيساً لفرص العمل في المحافظة ويأتي ثانياً بعد القطاع الزراعي، ورغم أن الحديث هنا يدور عن مشاريع سكنية وبدرجة أقل لأغراض تجارية، فإنّ ذلك لم يحل دون تأثر فرص العمل هذه من تداعيات الركود.
وفي هذا السياق حذّر الخبير العقاري أيمن سعد من أن أي ركود أو تراجع في أعمال البناء سيترك تأثيرات سلبية على العديد من المهن المرتبطة بعمليات البناء، ولاسيما أن هناك عشرات المهن تدور في فلك النشاط العمراني، مع وجود العديد من الصناعات الملحقة والمرتبطة به مباشرة، كمعامل البلوك والبلاط والرخام والسيراميك والأخشاب والدهانات، والصحية، إلى جانب الأثاث والمفروشات، وغيرها من الصناعات المكمّلة لهذا القطاع.
وكشف سعد عن وجود أسباب أخرى لتراجع حركة البناء في المحافظة، يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار الأراضي المعدة للبناء داخل المخططات التنظيمية ووصولها إلى مستويات قياسية، حيث وصل سعر الدونم في بعض أرياف المحافظة إلى أكثر من 150 مليون ليرة، لافتاً إلى أن تسعير هذه الأراضي يتم بلا ضوابط أو محددات وإنما حسب قاعدة العرض والطلب.
بانوراما سورية-تشرين