بانوراما سورية- عبد العزيز محسن:
لا أدري لماذا تصر الحكومة على الاستمرار في رفع تكاليف الإنتاج، والتسبب في ارتفاعات متتالية في أسعار السلع والمنتجات في الأسواق المحلية، وبإنعدام تنافسية المنتج السوري في الأسواق الخارجية.. والجديد في هذا الصدد ما صدر اليوم عن غرفتي الصناعة في دمشق وحلب من تحذيرات حول التأثيرات السلبية الكبيرة لأسعار الكهرباء الجديدة على الصناعة الوطنية، وتأكيدهما بأن الأسعار الحالية هي من الأعلى على المستوى العالمي مطالبين بأن تكون الأسعار تماثل الأسعار المعتمدة في دول العالم ودول الجوار..
فعلا أمر عجيب.. ففي الوقت الذي ننتظر من الحكومة تشجيع الصناعة الوطنية والمساعدة في التوسع بإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم اللازم لها وأهمه توفير حوامل الطاقة بأسعار مناسبة نجد العكس ما يؤكد أننا نسير بالاتجاه المعاكس والمعرقل لأية إمكانية للتعافي الاقتصادي على المدى المنظور، فالكهرباء والطاقة بشكل عام هي عصب الصناعة الأساسي وعندما يصاب هذا العصب بخلل ما فسيؤدي حكماً الى المرض وربما الشلل!! وهذا ما يحدث اليوم بعد ورود تقارير عن توقف عشرات المنشآت الصناعية في حلب نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج وخصوصا الكهرباء والمحروقات وعدم القدرة على الانتاج أو المنافسة..
هناك من يقول أن الحكومة تريد من هكذا قرارات الضغط باتجاه التحول الى الطاقات البديلة او المتجددة، ويرد اهل الاختصاص بأن الطاقات البديلة لا تصلح للكثير من الصناعات وخصوصا الثقيلة والتي تحتاج الى استطاعات كبيرة لا يمكن توليدها من الشمس او الرياح.. واذا كان البديل الاخر للصناعيين الاستعانة بمحركات الديزل العملاقة فأصبحنا في مكان اخر يتعلق بصعوبة تأمين المحروقات اللازمة…
ويبقى الخيار الأكثر واقعية هو الاستمرار بتوفير الكهرباء للمنشآت الصناعية بأسعار معقولة وهذا يستدعي تخفيض التعرفة المعمول بها حالياً، وطبعا تدرك الحكومة بأنها حين تدعم المحروقات أو الكهرباء فأنها تقدم الدعم لآلاف السلع والمنتجات والخدمات، وتخفض من حجم التكاليف وترفع القوة الشرائية للمواطن وتحافظ على استقرار الأسواق وما الى ذلك من الايجابيات التي تحقف بمجملها نمواً اقتصادياً لا بأس به..
أخيراً.. نأمل من الحكومة الاستجابة لنداءات الصناعيين لأنها مطالب محقة وليست لمصالح خاصة بهم وحدهم بل هي لمصلحة المواطن ايضا وللاقتصاد الوطني بشكل عام.