تخطى إلى المحتوى

(الذكاء الاصطناعي) والغباء الطبيعي….

باسل علي الخطيب…

كنت قد شاهدت مقطع فيديو عن صراع الحيوانات في الغابة، الفيديو عالي الجودة، والتعليق كان باللغة العربية، ولكن كانت لغة ركيكة جداً لدرجة بدت غريبة لكثرة الأخطاء لفظاً وتركيباً، استغربت عدم التوافق هذا، جودة الفيديو وضعف التعليق، لم اعر الأمر كثير الإنتباه اول مرة، ولكن هذا الأمر تكرر مرات ومرات مع أكثر من فيديو مغاير، بحثت عن الموضوع، تبين أن التعليق تم عبر تقنيات مايسمى (الذكاء الاصطناعي)، والفتاة التي تعلق على الفيديوهات ليست حقيقة، أننا هي أحد تطبيقات (الذكاء) الاصطناعي….

الحقيقة، هذا الأمر أسعدني، اقصد هذه السقطة (للذكاء الاصطناعي)، لاسيما أن حالة الانبهار بما يسمى (الذكاء) الاصطناعي التي نراها من حولنا تكاد تصل درجة التقديس، ان هذه التقنية قادرة على إنجاز أي شيء، ولم يبق إلا أن يقولوا أنها (تحي العظام وهي رميم)….

الجملة الأخيرة ليست عرضية، هذا هو حقاً الهدف من الترويج (لعبقرية) و(لامحدودية) قدرات الذكاء الاصطناعي…

قد قرأت خبراً قبل فترة نشره البنتاغون ” أن طائرة مسيرة أمريكية كانت معدة لتنفيذ مهمة ما، ولكن فجأة استشعرت هذه الطائرة أن مشغلها سيقف عائقاً أمام تنفيذ المهمة، فأخذت قراراً بقتله، وقتلته”…

لا يذكر الخبر كيف تعامل الامريكيون لاحقاً مع تلك المسيرة (الحردانة)، أو كيف أعادوها إلى بيت الطاعة…..

هل سبق وشاهدتم فيلم المبيد لعام 1984؟…
فكرة الفيلم أن الذكاء الصناعي ( الآلات) قد تمردت على الإنسان, وحكمت الأرض بعد أن ابادت أغلب الجنس البشري…

لطالما ذكرت سابقا، أن القالب التشويقي المثير الذي تصوغ فيه هوليود افلامها، هو العسل الذي تسوق عبره تلك السموم – الأفكار، فخلف تلك الصناعة هناك ماهو اكبر من الشركات والمنتجين…

في عام 1989حصلت مبارزة شطرنجية بين بطل العالم في الشطرنج السوفييتي كاسباروف وسوبر كمبيوتر Deep blue IBM، هذا الكمبيوتر يستطيع أن ينجز مئتي مليون عملية في الثانية…
ولكن كاسباروف ربح المباراة…
كيف؟…
نعم، يستطيع الكمبيوتر أن يحسب عشرات النقلات انطلاقا من نقلة واحدة مع كل الاحتمالات الممكنة، ولكنه يفتقد خصائصاً لايمتلكها ألا الدماغ البشري، ومنها على سبيل المثال عقلية التضحية، قام كاسباروف بالتضحية بأحد قطعه ليربح ماهو اهم وربح المباراة، هذه عقلية لايدركها ولايستوعبها الكمبيوتر، هذه عقلية تحتاج ماهو أبعد من الدارات، ماهو أبعد من الفيزياء، بل ماهو أبعد من الكيمياء….

ربح كاسباروف المباراة التالية عام 1996، ولكنه خسر المواجهة الثالثة عام 1997، حيث ربح جولة وتعادل في ثلاث وخسر اثنتين، قالوا إن سبب الخسارة أن خللاً برمجياً أصاب الجهاز، فقام بنقلة غير منطقية وغير محسوبة، أربكت الاستاذ وجعلته يظن أن خلفها استراتيجية أعمق، فكان أن خسر المباراة لاحقاً…
هذا ماتم ترويجه…
ولكن تبين لاحقاً أن تدخلا بشريا من قبل المشرفين على جهاز الكمبيوتر قد حصل مع الجهاز أثناء الجولة عند النقلة الأربع والأربعين، أدت إلى تلك النقلة غير المحسوبة….

اذا ماذا يريد هؤلاء من قصة المسيرة ومن فيلم المدمر ومن قصة المبارزة مع الكمبيوتر؟…..
حسنا ماذا يبقى من فكرة وجود مبدع وخالق لهذا الكون، إن تمكنوا من اقناعنا أنهم قادرون أيضاً على الخلق؟…
أنهم صنعوا آلة تفكر، هذا يعني أن لديها مشاعر، هل هناك من فرق بينها وبين البشري، سوى أنه من لحم ودم، والآلة من معدن وأسلاك ودارات؟؟…

على فكرة يشار إلى الذكاء الاصطناعي اختصاراً ب AI، من الانكليزية ARTIFICIAL INTELLIGENCE ، لكن يجب أن يكون اختصاره الصحيح هو ANI مدوذلم من المصطلح الحقيقي له في الإنجليزية ARTIFICIAL NARROW INTELLIGENCE وتعني حرفياً (الذكاء الاصطناعي المحدود)….
نعم، المحدود،….
المحدود بخيارات محددة تخضع للمعلومات التي يتم تلقينه أياها، وخارج حدودها تنعدم (قدراته) بالكامل…..

خذوا مثلاً النموذج الاقوى حاليا (تشات جي بي تي CHATGPT)، والذي يتحدث عنه الكل بنوع من الانبهار يصل حدود (التقديس)، هذا النموذج كان موجوداً منذ فترة، ولكن على النطاق الاختصاصي جداً، وحتى يستطيع البقية العمل عليه كان ذلك يحتاج لاوامر برمجية ومسائل مصفوفية معقدة، ليست في متناول فهم وإدراك الأغلبية…
فقامت أحد الشركات بتطويره وصنعت له واجهة سهلة للاستخدام مع تطبيق مناسب، كما فعلوا سابقاً في الكمبيوترات عندما انتقلوا من لغات الدوز إلى تطبيق الويندوز، أو كما في الآلة الحاسبة….

نعم، ليس هناك من أمر بريء يصدر عن ذاك الغرب، حتى ولو كان (السنافر) أو(فلة واقزامها السبعة)…
كل ماذكرناه أعلاه هذا يندرج في سياق تسويق الليبرالية المتوحشة لمنظومتها القيمية الاكثر توحشا منها…

هل كنتم تعتقدون أن الأمر يقتصر على تسويق المثلية وحبوب السعادة؟…

على فكرة قد يكون السير في عملية تشريع تعاطي أنواع محددة من المخدرات، اخطر من تسويق المثلية، فهذه الحبوب تصنع من الجموع عبيدا سعداء للمنظومة، تصنع عبيدا مطيعين، دون أو تتكلف المنظومة تقديم أية خدمات لهم في سبيل ذلك، عدا عن ذلك هم عبيد مسالمين فلا ثورات لو تظاهرات أو اعتراضات أو إضرابات…

ذاك الذي يسمى ذكاء صنعياً، ليس إلا برامجا معدة مسبقا، هي معلومات تم تحميلها تسير وفقها الالة، وليس لهذه الآلة أن تعترض أو تنسى أو تشعر، ليس لها أن تشعر بالشفقة أو الغضب، ليس لها أن تحزن أو تفرح، ليس لها أن تبتكر أو تبادر أو تبدع ، هي فقط تعمل، وهي بارعة ونشيطة جدا في العمل…..

هل تريدون أن أخبركم عن كذبة الهبوط على سطح القمر، أو كذبة الخريطة الجينية، أو كذبة ذاك التلسكوب العملاق؟؟؟…

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

1 أفكار بشأن “(الذكاء الاصطناعي) والغباء الطبيعي….”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات