تخطى إلى المحتوى

عندما يحتضر الشغف….

*باسل علي الخطيب….

قد يكون المحرك الأساس للإنسان في سعيه (للإبداع) وإتقان (الإنجاز) هو (الشغف)….
وإن كان هناك من تعريف امثل لمفهوم (قتل الروح) فهو قولاً واحداً (اعدام الشغف)….

يصطف (الشغف) إلى جانب (الكفاءة) و (الأمانة) في فريق واحد في طريق الابداع في العمل، اياً كان العمل…
فإن فقدت (الكفاءة) كانت نتيجة العمل مشوهة…
وان فقدت (الأمانة) كانت نتيجة العمل فاسدة ومنافقة…
وان فقدت (الشغف) كانت نتيجة العمل عادية وتقليدية من دون لمسة إبداعية….

اعترف أنه فيما خص عملي الوظيفي قد فقدت الشغف، بل إنني فقدته على عدة مستويات اخرى، ويبقى شغفي الوحيد عندى اسرتي، و هذه المقالات التي اكتبها….

نعم، فقدت شغفي على المستوى الوظيفي، رغم أنني أنفذ مشاريع دراسات وبحوث علمية، وانا احب عملي، وهو عمل (ممتع) رغم صعوبته وخطورته، ولكن لم يعد عند تلك الرغبة الجامحة والإرادة الحديدية في بذل ماهو أكثر مما هو مطلوب مني جهداً وتعياً وتفكيراً وسعياً بل ومالاً لإنجازه ابداعاً، وان كان يتم تعويض ذلك حالياً بمستويات أعلى من الكفاءة تراكمت مع السنين ومتابعة كل جديد، أما الأمانة فهي هي، فهذا مفهوم لايزيد ولاينقص، إما أن يكون موجوداً او لا….

أما لماذا يحتضر الشغف عندي، فذلك له اسبابه، وهنا أنا لا أتحدث عن حالتي تحديداً، إنما أتحدث عن شريحة واسعة وكبيرة..
أنا لا أنكر أنه كان عندي طموحات سابقاً أن ارتقي وظيفياً، أن اصير مديراً مثلاً، أو مديراً عاما، أو حتى أن اصير معاون وزير أو وزيراً، أنا لا أقول أنني سعيت لها بكل الطرق، أو انني طلبتها من احد، فأنا لا اطلب، ولكن مساري الوظيفي مهنياً واخلاقياً يرشحني وبقوة لشغل أعلى المناصب وحتى ولو كان منصب وزير…
ولكن وكما خبرت الأمر وفي محطات عديدة، لم تكن معايير الكفاءة أو الأمانة أو الوطنية أو الاخلاص أو النزاهة حاضرة أبداً في أذهان أصحاب القرار في طرطوس لانتقاء من يشغل الموقع الفلاني او الفلاني، أنما كان دفتر الشروط يتضمن بالدرجة الأولى الاستزلام، قابلية الفساد، الوضاعة، قلة الاخلاق، التفاق…. حتى يمكن التحكم بهم بسهولة…
أنا هنا لا أتحدث انشائياً، إنما أتحدث عن تجارب عشتها، بعضها مع مسؤولين سابقين أو حاليين، ومنهم في موقع امين فرع الحزب، أو أعضاء قيادة الفرع، أو مسؤولين في الاتحادات والنقابات أو في المحافظة، أشخاص لهم موقعهم وكلمتهم وقراراتهم، بتعاملون مع الموقع الذي يشغلونه وكانه المزرعة الخاصة بهم…..

قد سألني أحد مدراء المراكز الثقافية قبل سنتين لماذا عزفت عن إلقاء المحاضرات؟…على مدى السنوات من 2011 حتى 2021، ألقيت قرابة 300 محاضرة في المراكز والنقاط الثقافية في مختلف مناطق المحافظة، وكلها حول المواجهة الثقافية والفكرية فما خص هذه الحرب التي شنت على بلدنا، اتحدى اي منتسب لحزب البعث أن يكون قدم ماقدمته على المستوى الثقافي والفكري خلال هذه السنوات…

حسناً، هل تم تعييني ولو لمرة واحدة ولو عضو قيادة شعبة؟.. قولاً واحداً لا، بل تمت محاربتي في كل مرة تم ذكر اسمي ولو من قبيل طرح الاسماء فحسب، وهذا عشته عدة مرات، في المقابل أعرف أعضاء قيادات شعب، أعرف امناء شعب، أعرف أعضاء قيادات فرع، أعرف امناء فرع، سواء كان كل هولاء سابقين أو حاليين، أعرف بعضاً منهم لايستحق الواحد منهم أن يكون عريف صف ثالث ابتدائي …

أضف إلى ذلك، هل وضعني الرفاق يوماً ما على قوائم الحزب الانتخابية، سواء في انتخابات الإدارة المحلية أو انتخابات مجلس الشعب؟ طبعاً لا، ولكن هناك من وضعوه على قوائمهم من لايجوز ولايمكن أن تأتمنه حتى على مكب قمامة….

بل إن الرفاق إياهم اخرجوني من مدرسة الاعداد الحزبي، ليس لشيء سوى أنني كنت جيداً إلى تلك الدرجة التي لم يستطيعوا تحملها….
عفواً نسيت، هناك سبب آخر، لم يكونوا يحبوني لاني رفضت (الاستزلام)…..

اعيد واكرر أنا لا أتحدث عن حالة خاصة أو شخصية، أنا أتحدث عن حالة عامة، تكررت وتتكرر، واوردت تجربتي ببعض التفصيل لأوضحها….

تسألون عن النتيجة؟….
هاكم النتيجة، هذا الخراب والفشل الذين يتناسل بعضه من بعض…

اسال أصحاب القرار إياهم، أين انتم من توجيهات السيد الرئيس فيما خص هذا الأمر تحديداً؟ أما أن تلك التوجيهات ليست بالنسبة لكم سوى شعارات ترفعونها في المؤتمرات، أو كلمات تعلكونها من على المنابر؟؟……

هذا المرض صار مرضاً عضال، (الاستزلام) إياه، تقريب المنافقين والنخيخة وإبعاد الصادقين وأصحاب الكفاءة….

هل فهمت الآن لماذا يحتضر الشغف؟….

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

1 أفكار بشأن “عندما يحتضر الشغف….”

  1. قالوا فلاسفة اليونان الصفات القيادية توجد عند بعض الأشخاص بالولادة ولاتوجد عند البعض الآخر .المشكلة ببلدنا الكل يريد أن يكون مدير والكل يريد أن يكون وزير والكل يريد القيادة والكل يرى إنه قدم للوطن أكثر من الآخرين….هذا الحديث أسمعه كثيرا ويكاد يوميا .ولا أعتقد أن هناك بلدا في العالم يستطيع أن يولي جميع مواطنية مناصب قيادية . ولا أعتقد أن هناك بلدا بالعالم الكل يريد أن يكون مدير . هذه الثقافة يجب أن تتغيير ليقتنع كل مواطن بعمله لنبني وطنا الكل يريد أن يعمل والكل أخر همه أن يكون مدير أو وزير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات