
*عبد العزيز محسن:
لعل مصطلح “الدعم الزراعي” من أكثر المصطلحات التي تثير امتعاض المزارعين وتفتح شهيتهم على الانتقاد وفش الخلق والتنفيس عما يكتنفهم من أوجاع وآلام جراء معاناتهم المزمنة في تأمين مستلزمات الانتاج الباهظة التكاليف، معتبرين أن الدعم الزراعي هو مجرد أوهام وأمر لا يذكر..
ويبدو أن وزارة الزراعة أصبحت مقتنعة اليوم بأن الدعم الحكومي المقدم للزراعة –بوضعه الحالي- لا يحقق الغاية المرجوة منه، وتحاول البحث عن صيغة مناسبة وآليات جديدة أكثر جدوى، وضمن هذا السياق تقيم الوزارة مجموعة من اللقاءات والندوات الحوارية في المحافظات بهدف الاطلاع على رؤية وأفكار العاملين في القطاع الزراعي وعلى اقتراحاتهم لاعتماد آليات وأدوات جديدة للدعم مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل محافظة من الناحية الزراعية…. من حيث المبدأ والشكل أرى الخطوة هامة جداً لجهة إشراك المختصين والمعنيين في الحوار وتبادل الأفكار للوصول إلى قواسم مشتركة تسهم في صياغة تشريع حكومي جديد للدعم الزراعي، أما من حيث المضمون والنتائج فلا يمكن التكهن بها إلى حين الإعلان عن الصيغ النهائية المعتمدة لهذا الدعم..
بالتأكيد استمع السيد وزير الزراعة خلال حضوره للندوات المذكورة للكثير من المداخلات الغنية بالأفكار المفيدة والبناءة.. كما استمع أيضا الى الانتقادات الواسعة لآليات الدعم المعتمدة وهزالة الأرقام الواصلة فعلياً إلى المزارع والهدر الكبير والفساد المرافق له.. وما نأمله أن تؤخذ هذه الملاحظات والمقترحات على محمل الجد وأن تُدرج ضمن الدراسة النهائية التي ستعرض في الورشة المركزية الموسعة التي ستنظمها الوزارة لاحقاً في دمشق تمهيداً لصياغة واعتماد آليات ووسائل أكثر فعالية في إيصال الدعم الزراعي إلى مستحقيه بعدالة وبمرونة وبالسرعة المطلوبة.
أخيراً.. ندرك جيداً أن الدعم الزراعي موضوع شائك ومعقد جداً.. وندرك جيداً أنه لن يتحقق الدعم المطلوب واللازم للفلاح وللزراعة ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة، ولكن هذا لا يمنع من تركيز الجهود على الحد من حالات الهدر وعلى محاربة الفساد، وتأمين مستلزمات الانتاج الزراعي للفلاح بأسعار مقبولة نوعاً ما، وبغير ذلك ستستمر الزراعة السورية في طريق التراجع، وسندفع جميعاً ثمناً باهظاً لهذا التراجع…
لا تزال الفرصة سانحة فلنغتنمها الآن قبل فوات الآوان..
بانوراما سورية







