تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر مَراسيم تشريعية بتعيين محافظين جُدد لمحافظات: دير الزور، درعا، اللاذقية، حماة، وال... إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلي على مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي الشرقي الجامعة الافتراضية تخفض معدلاتها 5 بالمئة تماشياً مع نتائج الثانوية العامة … عجمي: 10 آلاف طالب متوق... الجيش أسقط 9 طائرات مسيّرة للإرهابيين بريفي اللاذقية وإدلب … الحربي السوري- الروسي يواصل استهداف مقا... المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي يحدد الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للع... الرئيس الأسد يستقبل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أكد على تقديم ما يلزم للوافدين اللبنانيين.. مجلس الوزراء يوافق على مشروع إحداث الشركة العامة للصناعا... لجنة القرار/43/ تناقش عدداً من القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية الرئيس الأسد يبحث مع عراقجي سبل وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وتقديم الدعم والمساعدة للأشقاء اللب... مجلس الوزراء : تشكيل لجنة مختصة لمراجعة بعض القرارات والأنظمة الخاصة بشغل مراكز عمل القيادات الإداري...

اعلام يتناهبها الغبار – د. نبيل طعمة

حلبة صناعة الأفكار، يتبارى من خلالها المختصون بشؤون الثقافة والأدب والفكر، وكل يرمي بما لديه من تحليل أو مقالة أو محاضرة أو كتاب أو ظهور متلفز أو حديث مذاع، وهذا لا يختص ولا ينطبق على واقعنا العربي فقط؛ بل نجده في كل عوالم القارات الخمس، مع فارق ليس بالسهل بيننا وبينهم، فهم مازالوا يقرؤون بينما نحن لم نعد كذلك، كنا في القرن الماضي نَهمي القراءة، وكنا أيضاً نتبارى في الكتب المقروءة، من نيتشه إلى غوته، ومن فورباخ وهيغل إلى ماركس وأنجلز، ومن دوستويفسكي إلى “هنري برغسون” مؤلف كتاب الضحك، إلى “أندريه مالرو” الذي عينه ديغول وزيراً للثقافة في عدة حكومات فرنسية، إلى أرنست همنغواي وآخرين، وقد تابعت أجيال القرن الماضي بشغف بودلير وموليير وآجاثا كريستي ومكسيم غوركي وجان بول سارتر ووجوديته التي خلقت حراكاً وجودياً، كما استمتع سمعنا بسيمفونيات باخ وموزارت وبيتهوفن وتشايكوفسكي، وندرة ممن اهتم بابن خلدون وابن سينا والرازي وعباس محمود العقاد وساطع الحصري وطه حسين وعابد الجابري والماغوط وحنا مينه، أولئك وكثيرون غيرهم ممن لم آت على ذكرهم اهتموا، بل اشتغلوا، في قضايا الإنسان من طفولته إلى كهولته، وخاضوا غمار تنظيم وجوده وجودة منتجه وتحسين نظم تفكيره، دخلوا على حزنه وتقاسموه معه، أضحكوه على مأساته وأبكوه فرحاً لنجاحاته واستشفائه من أمراضه، ودعوه لفهم الحياة كي يكون فاعلاً فيها.
إن كل ما ذكرته توقف مع بداية القرن الواحد والعشرين، وبدقة منذ أحداث 11/9/2001 وانهيار برجي التجارة العالمي، هذا الحدث الذي دخل معه العالم في فوضى عارمة( سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية) وغدت الهموم تغزو الأجيال المعاصرة التي تبحث عن أسباب ما يجري في عالمنا من فوضى قاتلة تحت مسميات متعددة، فوضى خلاقة وفوضى هدامة، وإلى مراجع تذهب بها إلى تعزيز هذه الفوضى، فمن سيفسر لها المشهد المتحرك أمامها، توقف كل شيء بما فيه القراءة، لأن الإصدارات العربية والأجنبية اختصت بمخرجات الفوضى وأزماتها المنتشرة بين القارات الخمس وبالمتغيرات الدولية، بحكم وجود مرحلة تكنولوجيا المعلومات وثورتها الهائلة والإعلام الفضائي وتسارع الامتلاء والتفريغ؛ أي ما تدركه اليوم تتجاوزه غداً بمعلومات وحقائق ومنتجات جديدة تلغي ما بين يديك وتمسحه من فكرك لمصلحة القادم الجديد والمتسارع، أعود إلى ما ذكرته من أسماء لأتساءل: هل تحولت إلى كلاسيكية، وبشكل أدق لم تعد موجودة في مكتباتنا، شاخت في ذاكرتنا، وعلى الرفوف تقادمت، تتناهبها الغبرة ولم تعد الأجيال تأخذ بها، وهي التي بفضلها ارتقت الذائقة الجمالية “للحواس السبع” الخمس المادية والحاسة العاقلة والحاسة الناطقة، ألم تخلق تلك الفنون والآداب والفلسفات جدليات وحوارات أنتجت أوطاناً وأبطالاً وقادة في الفكر والسياسة والاجتماع؟ هل انتهت حلبات صناعة الأفكار والنوادي الثقافية ومقاهي المثقفين ومكتبات الباحثين والصالونات الأدبية، بعد أن كانت تمتلئ بعبق الوطنية والهوية والانتماء؟ ربما لا أحسن الإجابة ووضع الحلول عن كل هذا، إلا أني أظن أن تكثيف الجهود وتوحيدها بهدف قبول التنوع المتوافر وتعزيزه في حلبات صناعة الأفكار يؤدي إلى تطوير قيم التعاون والتكافل والبحث العلمي والروحي، ويخلق التفاهم والتسامح والسلم الأهلي والأممي، وكل ما ذكرته آنفاً أعتبره من ضرورات الحياة وليس مساحات للمترفين أو المخمليين الذين يتصارعون من أجل امتلاك الحياة لا من أجل تقدم الإنسان وتطويره، وهنا أريد أن أؤكد أن ما نفعله الآن من تفاعل مع التطور ليس في صالح الأكثرية التي أطرح عليها الآن العودة إلى امتلاك نواصي الآداب والفنون التي أنجزت عظمة الحضارة المادية والفكرية الإبداعية؛ التي لم نعد نتوقف عندها أو نعيرها أي اهتمام، وكأن بنا نعود إلى عصر الظلمات وسلطة الأديان بعد أن نسينا كوبر نيكوس وأرسطو وأفلاطون وميكائيل أنجلو و”الجيوكندا” ورسامها “ليوناردو دافينشي” وقبل كل هؤلاء ملحمة جلجامش وبحثه عن سر الخلود بغاية إعادة أنكيدوا الذي قتلته عشتار والإلياذه والاوذيسه لهوميروس وحصان طروادة والإنياده لفرجيل.
كم ابتعدنا عن رفوف تتضمن صناع الأفكار والتنوع، وذهبنا إلى القاع حيث الدعارة والمخدرات والمقامرة بكل شيء والمؤامرات على كل شيء، بعد أن كان لدينا صالونات الأدب والشعر والسياسة والفخر والاعتزاز بالأوطان وبالأمة ورواسخ أفكارها، تنازلنا حتى القاع ولهثنا خلف الليبرالية القديمة والحديثة التي حملت الغث والثمين، أخذنا الغث ولم نبحث في الثمين أو نعيره أي اهتمام، لم نولد فكرة تسجل حضورها في عصرنا المعيش عصر يونس النبي وحوته وما يعني من الظلمات وما فيها من موبقات القاع، هو خرج ونحن عالقون ضمنه، شعارنا الاستهلاك واللهاث والمراهنات والانتظار.

 

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات