تخطى إلى المحتوى

نمط اقتصادي جديد.. جاذب للاستثمارات وطارد للهدر والفساد

*عبد العزيز محسن:

بدأت هوية الاقتصاد السوري في المرحلة الجديدة تتضح شيئاً فشيئاً نحو التحول إلى نمط الاقتصاد الحر التنافسي.. كما بدأت محاولات التأقلم والسعي لمواكبة هذا التحول سواء على صعيد الفعاليات الاقتصادية بمختلف مكوناتها الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية…أو على صعيد المواطن من ذوي الدخل المحدود والذي سيعاني بلا شك في البداية من صعوبات في عملية التحول نظراً لكون هذا التحول يصنف بالتحول “المفاجئ” أو “الصدمة” والذي سيترك آثاراً اقتصادية واجتماعية متفاوتة الشدة والتأثر من شخص إلى آخر ومن فعالية إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر بحسب الخصوصية أو القوة والتحضير المسبق لمثل هذا التحول.. علماً أن حكومات النظام البائد اعتمدت سياسة التحول التدريجي نحو اقتصاد السوق وأزالت “الدعم” عن العديد من السلع والخدمات وبالتالي يمكن القول أن التحول لم يكن مفاجئاً إلا من حيث التوقيت والسرعة فقط.

وكما هو معروف فأن اقتصاد السوق هو النمط الأنسب لاقتصاديات الدول.. وهو الأنسب تحديداً للبلدان الساعية لجذب المزيد من الاستثمارات النوعية من داخل البلد وخارجه.. وكذلك الأمر هو الأنسب للحد من حالات الفساد والهدر في الموارد.. وإذا ما استثنينا بعض الحالات القليلة جداً من الاستثمارات الناجحة نسبياً يمكن القول أن سورية خالية تماماً من الاستثمارات النوعية بسبب انتهاج النظام البائد سياسات التطفيش والضغط والترهيب والابتزاز والإجبار على المحاصصة للموافقة على إقامة المشاريع، كما لعبت التشريعات القائمة والعراقيل الإدارية والبيروقراطية دوراً في التطفيش وهروب الراغبين في الاستثمار.. وهذه حقيقة يدركها الجميع وكتبنا عن حالات ونماذج كثيرة منها..

واليوم.. ومع الواقع الاقتصادي الجديد يستلزم من الحكومة بذل الكثير من الجهد والعمل في سبيل صياغة وإعداد منظومة تشريعية مناسبة لسورية ولصناعتها ولزراعتها ولقطاعاتها الاقتصادية والخدمية المختلفة تأخذ بعين الاعتبار التخفيف ما أمكن من تأثيرات التحول والانفتاح الاقتصادي، وصولا الى انتهاج سياسات تعتمد على الدعم غير المباشر لقطاعات حيوية لها خصوصية هامة كالزراعة التي تعد ركيزة وأساس “الأمن الغذائي السوري” وكذلك الأمر توفير بعض الدعم والحماية لبعض الصناعات الوطنية التي تؤمن فرص عمل لشريحة كبيرة من السكان.. وهذا لا يتناقض مع مفهوم اقتصاد السوق ومبادئ التجارة الحرة بين الدول بل هو إجراء سيادي للدولة في التدخل لمنع حالات الإغراق وحماية المنتج الوطني ضمن ضوابط وإجراءات موضوعية مدروسة.

بكل الأحوال، هناك الكثير من الكلام يمكن قوله في موضوع التحول الاقتصادي الجديد، ولكن يبقى كله مجرد كلاماً عاماً ومجرد أمنيات ومناجاة.. وما نريده اليوم من الحكومة أن تستعين بأهل العلم والمعرفة والخبرة في الاقتصاد، والاستفادة من التجارب الناجحة لبعض الدول التي تشبه سورية بخصوصيتها وبتنوع مواردها وإمكانات وخبرات أبناءها، وأن تتم عملية التحول الاقتصادي بسلاسة ومرونة وبأقل قدر ممكن من الآثار السلبية تمهيداً لانطلاق ورشة وطنية متكاملة للتنمية الاقتصادية المستدامة ولإعادة الإعمار تشمل جميع أرجاء سورية الحرة تحت قيادة إدارتها الجديدة وبتضافر وتكامل جهود أبنائها المخلصين.  

بانوراما سورية

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تابعونا على فيس بوك

مقالات