
بقلم: دانيا عبد الغني النابلسي
في السياسة، كما في المسرح، لا يكفي أن يتبدل الممثل… بل يجب أن يتغير النص.
وفي العاشر من تشرين الثاني 2025، بدا أن سوريا قررت أخيراً أن تغير النص، أو على الأقل، أن تعيد كتابته.
زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض، ولقاؤه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية. كانت إعلاناً عن نهاية مرحلة وبداية أخرى. مرحلة تطوى فيها صفحات “الممانعة” التقليدية، وتفتح فيها دفاتر الاستثمار، وإعادة الإعمار، والتطبيع السياسي.
لكن، هل يكفي أن نبدل اللغة كي نقنع العالم بأننا تغيرنا ؟ وهل يكفي أن نصافح من كنا ندينهم بالأمس، كي نعيد رسم موقعنا في الخارطة الدولية؟
سياسياً:
البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية السورية بدا وكأنه كتّب في غرفة علاقات عامة أمريكية مبنيه لغة ناعمة، مصقولة، تخفي تحتها سنوات من الصراع، والدمار، والانقسام.
لكن التحول الحقيقي لا يقاس بنبرة البيان، بل بقدرة الدولة على إعادة تعريف علاقتها بمواطنيها.
فالسياسة التي لا تترجم إلى عدالة، ومشاركة، وشفافية، تبقى مجرد ديكور خارجي… مهما بدا لامعاً.
إجتماعياً:
في الشارع السوري، لم يكن هناك احتفال جماهيري بالزيارة، ولا رفض علني لها.
لكن خلف الصمت، هناك أسئلة تتكاثر:
هل هذه الزيارة تعني أن الحرب انتهت فعلاً؟
هل ستفتح البلاد أمام فرص حقيقية؟
هل سيسمح للمجتمع المدني أن يكون شريكاً لا مجرد شاهد؟
التحول السياسي لا يكتمل دون تحول اجتماعي.
والمصالحة مع الخارج لا تغني عن المصالحة مع الداخل.
اقتصادياً:
الشق الاقتصادي من البيان حمل وعوداً برفع العقوبات، وجذب الاستثمارات، ودعم أمريكي لجهود التنمية.
لكننا نعرف، كمجتمع مدني، أن الاقتصاد لا يبني بالتصريحات، بل بالثقة.
ولا تستعاد الثقة إلا حين يشعر المواطن أن القانون يحميه، وأن الفرص لا توزع على أساس الولاء، وأن الفساد لم يعد هو القاعدة.
الاستثمار لا يأتي إلى بلد لا يعرف إن كان الغد يشبه اليوم. والتنمية لا تزدهر في بيئة تقصي الكفاءات وتكافئ التبعية.
إلى أين:
الزيارة البيضاء قد تكون بداية، نعم.
لكن البداية لا تقاس بعدد الصور الرسمية، بل بعدد الأبواب التي تفتح أمام الناس.
ولا تقاس بعدد الهدايا المتبادلة، بل بعدد الأصوات التي يسمح لها أن تشارك في صياغة القرار.
نحن..
نطلب فقط أن يكون التغيير حقيقياً.
أن يكون شاملاً.
وأن يكون من الداخل… لا فقط من واشنطن.







