
“بقلم الشاعرة: نادين عبد الغني النابلسي
لَيْلَةٌ بِأَلْفِ عَام…
بَهَاءٌ لَمْ تُبْصِرْهُ الأَيَّام
تَارِيخُ عَهْدٍ وَحَضَارَةٍ
تَجَذَّرَتْ مُسْتَأصَلَةً طَاغُوتَ الظّلام
مَجْدٌ، قُوَّةٌ وَفَخْرٌ بَسَّامٌ
حُلْمٌ تَمَرَّدَ
حَتّى انشَقَّ عَنْهُ الفَلَقُ قِيَام
ثَوْرَةٌ تَصْدَحُ بِقَصَاصٍ وَانْتِقَام
احْتِجَاجَاتٌ، تَكْبِيرَاتٌ
هَتَافَاتٌ وَزِحَام
خَوَاطِرُ تَشْدُو: أَهَذَا فَجْرٌ؟
أَمْ رُوحُ وَطَنٍ تَنْبَعِثُ
بَعْدَ ضِيقِ اللِّجَام؟
لَيْلَةٌ لَمْ تَطْبُقْ بِهَا أَهْدَابُ الأَنَام
أَفْئِدَةٌ تَدُوي انْعِتَاقًا
تُنَاشِدُ خَسْفَ طُغَاةِ النِّظَام
جُدْرَانٌ تَخْتَالُ شُمُوخًا
بِأَلْقَابِ أُبَاةٍ كِرَام
وَصَدًى يَعْتَلِي فَوْقَ الدِّيَارِ
بِسَيْفٍ مَاضٍ كَالحُسَام
حُشُودٌ تَجَمَّهَرَتْ بِرَصَانَةٍ
وَعُيُونٌ تَرْصُدُ بِدُمُوعٍ وَابْتِسَام
قُلُوبٌ تَنْضَحُ… صَهْوَةُ شَجَاعَة
تُصَارِعُ دَهْرًا… لِحُرِّيَّةٍ لا تُضَام
أَذْرُعٌ عَامِرَةٌ بِعَنَادٍ سَرْمَدِيٍّ
تَحْمِلُ شُعَاعَ اليَقِينِ
بَيْنَ طِفْلٍ وَإِمَام
أَهَازِيجُ تَدُوي كَرُعُودٍ مُثَابِرَةٍ
مُبَشِّرَةً بِتَحْرِيرِكِ أَيَّتُهَا الشَّام
سَمَاءٌ تَقَلْقَلَتْ بِرُؤْيَا الوَعْدِ
وَشُهُبٌ تَوَهَّجَتْ بِفَتَائِلِ السَّلَام
مُؤَشِّرَاتٌ ثَائِرَةٌ
تَتَهَادَى كَخُيُولٍ
عَلَى قِمَمِ الرُّكَام
أَفْنَانٌ تَجَلَّتْ بِلَمْحَةٍ
كَبَلْسَمِ جُرْحٍ طَالَ و اسْتِدَامُ
أَرْوَاحٌ رَفَرَفَتْ كَنَوَارِسٍ
تُجَالِدُ صَمْتَ الأَسَى
تُقَارِعُ الآلَام
دِمَشْقُ اليَاسَمِينِ
رَوِيَّةٌ، بَصِيرَةٌ وَإِلْهَام
تُنْبِئُ فَلَاحًا، تَبْلُغُ فَوْزًا
وَتَسْتَعْجِلُ لِلظُّلْمِ خِتَام
دَمْعَةُ نُورٍ تَزَيَّنَتْ
بِفَتْنَةٍ وَرُوعَةٍ وَضِيَاءِ هيام
تَجْهَرُ لِلْوَرَى بِصَرْخَةٍ
مُدَوِّيَةٍ لا تُهَام
أَرْوَاحُ أَطْفَالٍ
تَرْفُلُ بِدَمٍ بَذَلْتُهُ
لِتَسْقِي نَهْرَ الحُرِّيَّةِ البَسَّامِ
تَشْرُقُ كَشَّمْسٍ عَائِدَةٍ وَغَيْمَةٍ
تُطَهِّرُ الصَّدْرَ
مِنْ ضِيمِ الإِجْرَام
أُمَّةٌ بِقَائِدٍ هُمَام
شَامِخٌ كَجَبَلٍ مَهِيبٍ
مُعْتَدِلٌ لا يَعْرِفُ الاسْتِسْلَامَ،
يَهْتِفُ مَلَءَ العَزْمِ:
سَقَطَ الغَاشِمُ…
زَالَ رَجْسُ السِّخَام
رَفَرَفَتْ رَايَاتُ الظَّفَرِ
وَانْجَلَى عَصْرُ الحِمَامِ
وَتَصَادَحَتِ المَعَاقِلُ أَنْغَامًا
تَخُطُّ فَتْحًا
أَبَدِيَّ الوِئَام
أَيَّتُهَا الثَّوْرَةُ الَّتِي لا تَنَام
اِكْتَسِي بِحُلَّةِ العِزِّ
وَانْتَزِعِي مَرَارَةَ اللِّئَام
سَتَبْقِينَ رَمْزًا مُبَجَّلًا
ثابتًا لا يَعْرِفُ الانْصِرَام
يا الله…
يَا مَنْ تَنَزَّهْتَ
عَنْ زَيْفِ الكَلَام
أَسْتَوْدِعُكَ أَرْضًا وَشَعْبًا
وَأَلْتَمِسُ مِن جَلَالِكَ
سَكِينَةً وَبُلُوغَ المَرَام
أَرْجُو مِن عَظَمَتِكَ رَحْمَةً
لِأَرْوَاحٍ مُضَتْ فِي سَبِيلِكَ رَبِّي
عَلَى مَرِّ الأَعْوَامِ
بِفَضْلِكَ تَعَالَى
تَنْهَضُ سُورِيَّتِي
مِن تَحْتِ الثرى والأَقْدَامِ
مُتَزَيِّنَةً بِنَصْرٍ أخضرٍ
تَوَشَّحَ بِنسِيمِ عِطْرٍ سَنَّام
أَرْضُ الزَّيْتُونِ…
أَرْضُ القُوَّةِ وَالذِّمَام…
تَبْقِينَ رَمْزًا خَالِدًا،
ولتبقى لَيْلَةُ النَّصْرِ
مُخَلَّدَةً في كُلَّ عَامٍ.







