ليست هي المرة الأولى التي يخرج فيها المعنيون في التعليم العالي بتوصيات من العيار الثقيل لجهة الاهتمام بالمعاهد التقانية ومخرجاتها، وبالتأكيد لن تكون المرة الأخيرة طالما حال المعاهد باقية على ماهي عليه!.
فإذا كان المشاركون في ورشة العمل التي أقامتها جامعة دمشق بالتعاون مع المجلس الأعلى للتعليم التقاني حول ” واقع المعاهد التقانية وسبل تطويرها ” متحمسين بخصوص إعادة صياغة المناهج في جميع المعاهد وفق المنهجية العلمية واحتياجات سوق العمل وتطويرها بما ينسجم مع أهدافها، بحيث تعتمد الخطط الدرسية ومفردات المقررات، فنعتقد أنه كان من الأجدى البحث أولاً عن حلول “لمخازين” الخريجين الحاليين بمنحهم فرص عمل في قطاعات الدولة المختلفة.
التوصية مهمة بلا شك، ولكن حتى تنجح المفروض أن ننطلق من أرضية صلبة، وإلا وقعنا في المطب نفسه “كثرة في عدد الخريجين وانكماش بفرص العمل”.
الغريب أن هذه المسألة يدركها جيداً أصحاب القرار التعليمي، ومع ذلك يعودون ويكررون التوصية نفسها في كل مناسبة، فما مبرر هذه الورشات طالما “نجتر” مقترحاتها وتوصياتها؟!.
كم مرة دعت التوصيات، وأكدت وشددت ووو… على الربط المستمر للخريج مع المعهد الذي تخرّج فيه، وإعادة تأهيله ورفع مستواه بدورات تدريبية تتوافق مع أسس التعليم المستمر وسوق العمل، لكن هل من تصدى للتنفيّذ على الأرض؟!.
هناك أمر آخر مثير للدهشة بخصوص إحدى التوصيات التي تدعو الطلبة وتشجعهم إلى دخول المعاهد التقانية، على أمل أن تعمل الجهات المعنية على إصدار مراسيم إحداث ملاكات وظيفية في تلك المعاهد التي لم تحدث لها ملاكات وظيفية، ودراسة مستقبل سوق العمل والتنبؤ باحتياجاته المستقبلية أثناء رسم سياسات التعليم التقاني.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف نشجعهم على الدخول و بالوقت نفسه ما زال هناك من يعتبر أن التعليم التقاني هو مأوى للفاشلين؟!!.
تساؤل مشروع مع غيره من الأسئلة تناقلته صفحات الطلبة على الفيسبوك تعليقاً على مقررات وتوصيات الورشة المذكورة!.
بالمختصر، مشكلات المعاهد ومخرجاتها لا تحل إلا بتحويلها إلى مراكز إنتاجية تموّل نفسها بنفسها مع دعم من الدولة، وغير ذلك كل كلام التوصيات المنمق لا يجلب نتيجة!.
البعث