البحث العلمي قد ينظر إليه البعض على أنه مجرد اكسسوار للحياة الإدارية، في حين يراه كثيرون مؤشراً جديّاً عن متانة البنية الإدارية في أي دولة ومع هذا لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه من الجهات المعنية لدينا.
وللأسف نرى حتى اللحظة من يحملون شهادات واختصاصات عالية ينظرون لمفهوم البحث العلمي بطريقة ثانوية في حين يفترض أن يشكل أولوية في عملهم وتوجهاتهم، ولعلّ تواضع الرقم المالي المخصص للبحث العلمي في بلدنا والبالغ 0,2{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من الناتج المحلي الإجمالي يعطي مؤشراً على تقصيرنا في دعم البحث العلمي.
وللمقارنة فقط فإن بعض الدول مثل اليابان تزيد من إنتاجها الإجمالي مقدار 100 مليون دولار سنوياً، نتيجة استثمارها بتقارير مراكز الأبحاث والدراسات الإدارية والاجتماعية والثقافية التي تنتجها تلك المراكز.
والتمويل ليس المشكلة الوحيدة بمسألة تطوير وتنمية البحث العلمي وربطه بسوق العمل ومؤسساته الخدمية والإنتاجية، فهناك تحديات أخرى إدارية وتشريعية وهذا ما أدّى لفجوة بين البحث العلمي والفعاليات الاقتصادية بشكل عام والصناعية بشكل خاص.
وهذا ما جعل الحكومة تتنبه إلى أهمية البحث العلمي وضرورة دمجه بالاستثمار والإبداع والاختراع، والأمثلة كثيرة فالندوات الأخيرة والمعارض التي تبين كيفية الاستفادة من البحث العلمي في عملية إعادة الإعمار والاستفادة من مخرجاته لرفع وتائر الإنتاج وزيادة النمو، تعدّ خطوة إيجابية في طريق طويل.
وكل ما تقدم يجد صداه على أرض الواقع، على سبيل المثال لا الحصر لم نرَ ولا فعالية اقتصادية أو صناعية قد اعتمدت على نتائج بحث علمي أنجزته مؤسسات بحثية محلية، وأظن لسبب بسيط هو ما قلناه في البداية من أن لا علاقة بين الطرفين بسبب خجل وتواضع وغياب أنشطة المراكز
والتقصير لا ينحصر فقط على الجهات الحكومية بل يتعداه بشكل أكبر في القطاع الخاص الذي لم يبادر حتى الآن للاستفادة من أبحاث علمية ذات جدوى قدّمت ولا تزال في تطوير أعماله وإنتاجه، لذلك فالدور المطلوب منه كبير جداً.
ميساء العلي-الثورة