الهزائم والانكسارات التي مني بها تنظيم جبهة النصرة – جناح القاعدة في بلاد الشام- على يد مجاهدي حزب الله وأبطال الجيش العربي السوري أرخت بظلالها في الآونة الأخيرة على كل ما عداها من أحداث وتركت ردات فعل وصدى واسع على مستوى الاقليم لتصل الرسائل والارتدادات إلى المؤسسة العسكرية ( الاسرائيلية ) التي أدرك قادتها قبل غيرهم : ما معنى أن يتمكن حزب الله وبدعم كامل من الجيش السوري من تحقيق هذا الحجم والكم من الانتصارات المباغتة؟ وبزمن قياسي على التنظيم المذكور ومن يحالفه أخرجته بشكل شبه نهائي من السلسلة القلمونية المشكّلة للحدود ( الطبيعية) بين سورية ولبنان ……
هذه المعركة التي كان يعوّل عليها الحلف الداعم للارهاب والمتعاطف معه ضمنيا أو علنا لتقليم أظافر المقاومة وانهاكها واستنزافها مع الجيش السوري فكانت أمنيات وأضغاث أحلام ذهبت أدراج الرياح …… فما يدركه قادة العدو أيضا وأكثر من غيرهم هو دلالات الصعود والسيطرة على القمة الأعلى في جرود القلمون ( تلة موسى) التي توازي لا بل تفوق أهمية استراتيجية قمة جبل الشيخ التي تحتلها اسرائيل كما يؤكد الخبراء العسكريون الذين ذهبوا أبعد من ذلك بالقول: إن السيطرة على تلة موسى يعد أكثر صعوبة ومشقة اذا ما أخذ بعين الاعتبار تعقيدات الجغرافية التضاريسية لجبال القلمون وهو ما عدّ انذارا لاسرائيل في أي مواجهة مستقبلية شاملة محتملة ورسالة مفادها : أن السيطرة على قمة جبل الشيخ حيث المرصد الاسرائيلي الشهير الذي تبلغ حدود رصده أواسط آسيا والدخول إلى الجليل الأعلى شمال فلسطين لم يعد أمرا بعيد المنال وهو ما بدأت بعض الأوساط الصهيونية ومراكز دراسات تخرّجه من دائرة التهويل ورفع المعنويات ليس إلا إلى دائرة الممكن .
وهو حدث اذا ما تم سيؤدي إلى سقوط أحد المستحيلات الذي روّج لها على مدى سنوات طوال . إن الانهيارات الدراماتيكية ( المتسارعة ) في صفوف جبهة النصرة هو ما أذهل وفاق توقعات أكثر المتفائلين ففي الوقت الذي أعتقد أن معركة القلمون لم تبدأ بعد وأن ما يحصل لا يعدو كونه مناوشات وجس نبض من قبل الطرفين كانت المفاجئة السارة لنا والصدمة والهزيمة المذلّة التي أربكت وربّطت ألسن من كان ينتظر لحظات التشفّي ( الشّماتة ) بحزب الله من قبل من يفترض أنهم شركاء في الوطن .
فما أنجز وما ينجز حاليا في جرود القلمون وعرسال اللبنانية يعود الفضل به للعمل الجاد والمتواصل بين القوات السورية وحزب الله بعيدا عن الضجيج والتسريبات من قبل قنوات باحثة عن السّبق وهو الذي يضر أكثر مما يفيد .