قبل أن نعرف البيوت الحديثة المربعة منها والمستطيلة والدائرية والبرجية ومدخلها الإجباري والوحيد…… يوم كانت البيوت مفتوحة على بعضها جزء يسير منها إسمنت والباقي من الطين, كان بإمكان الناس رؤية بعضهم جيدا… كانت تسمى “المصطبة” وهي المكان الذي تقضي عليه الإسرة الواسعة أغلب أوقاتها والسهرات التي ينضم إليها أغلب الأحيان بعض الجيران……. صورة من صور الماضي كانت كالخيال ولكني التقطتها جيدا حدث في إحدى الحارات حيث كنت ألعب…… الأخت الكبيرة تبدل ملابس أخوتها الصغار طبعا بعد حمام شمسي ولا في الأحلام, لكن الذي لبس كالذي خلع ممزقا يظهر من الجسم أكثر مما يغطي, المرأة في البيت المقابل ما إن رأت المنظر حتى اعترضت مشفقة بكلمات لم أعد أحفظها جيدا…… دقائق أتت جالبة معها ملابس للصغار, قطعا ليست جديدة ولكنها تستر بكل تأكيد. فعلت هذا بحب ورغبة بالعطاء والصدقة بدون أي مقابل وبدون منيّة كما يقال. فعلت هذا وقد اغرورقت عيناها بالدمع أما فرحة الأطفال بهذا الجديد لاتوصف ولا تعادلها فرحة……. هي مشاهد ما برحت تفارق خيالي قط. هذه المرأة العطوف والتي شعرت بعوز الآخرلم تكن تعجب الكثيرين من الأدعياء من “الوجهاء والفعاليات الإجتماعية والمادية” من أصحاب البطون المندحقة واسعي البلعوم الذين يأكلون ولا يشبعون على حد قول أمير الفصاحة والبيان في وصفه لصاحب الشعرة التي لا تقطع وأمثاله من أساطين المكر والخداع…… منذ سنوات حضرت جنازتها فتذكرت المثل القائل: حقا أثنان لا يعرفان (موت الفقير, وتخبيص الغني)
- الرئيسية
- مقالات
- أمران لا يعرفان : موت الفقير وتخبيص الغني- كفاح عيسى
أمران لا يعرفان : موت الفقير وتخبيص الغني- كفاح عيسى
- نشرت بتاريخ :
- 2015-09-19
- 11:46 م
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
إقرأ أيضامقالات مشابهة
تابعونا على فيس بوك