لم تكن فترة النصف ساعة بانتظار وصول وزير الصحة الدكتور نزار يازجي الى الاجتماع الذي جمعه ووزير المالية الدكتور اسماعيل اسماعيل ووزير التعليم العالي الدكتور عامر مارديني قليلة على الحضور الكثيف الذي اجتمع لمناقشة المأزق الذي وصل اليه مشروع التأمين الصحي للعاملين في الدولة بشقيه الاداري والاقتصادي.
لم يكن حاسما وجود رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري ولا وجود نقيب الاطباء ولا نقيب الصيادلة ولم يكن حاسما وجود ممثل من ادارة الخدمات الطبية في وزارتي الدفاع والشرطة ، ولا وجود الكثير من الاطراف التي لها علاقة مباشرة في ادارة ملف التأمين الصحي للعاملين في الدولة ، وخاصة مدير عام هيئة الاشراف على التأمين الدكتور عمار ناصر آغا ولاوجود مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين الدكتور ياسر مشعل.
كذلك بدا الذهول على وجوه مدراء شركات ادارة النفقات الصحية الذين بدوا كمن لاحول له ولاقوة ، وبدوا أيضا وكأنهم يحضرون الاجتماع بالجسد فقط و عقولهم خارج الاجتماع نهائيا ، وكأن هذا يفكر في فرص العمل الأخرى المعروضة عليه ، وآخر يفكر بماذا سيقول الى مجلس ادارة الشركة التي يعمل بها .
القرار الذي تم اعلانه في اجتماع وزارة المالية باستقبال كافة مرضى التأمين الصحي في مشافي الهيئات العامة التابعة الى وزارتي الصحة والتعليم العالي ، كان متخذا سلفا قي اجتماع مجلس الوزراء ، بعد ان نقل وزير المالية حيثيات المشكلة بامتناع بعض مشافي دمشق واللاذقية الخاصة استقبال مرضى التامين الصحي ، الأمر الذي آثار حفيظة مجلس الوزراء واتخذ القرار أوليا . ليصار لاحقا الى تجهيز اجنحة خاصة في المشافي العامة لاستقبال هؤلاء المرضى .
بعد العرض ألا تلاحظون معي أيها القراء الكرام أننا حاولنا أن نحل المشكلة بخلق مشكلة أخرى .
دعونا نحدد أولا بأن أساس فكرة التأمين الصحي الذي تقدمه شركات التأمين العامة والخاصة في السوق السورية جاء للمساهمة في الحفاظ على صحة المواطن ، وكان البديل عن قصة الضمان الصحي الذي لم يولد بالأساس.
لكن ما حصل أن هذا العمل التأميني الذي اكتسب ثوبا اجتماعيا واضحا من خلال القسط الزهيد الذي يدفعه المؤمن عليه والمقدر ب 300 ليرة سورية سنويا مقابل 5000 ليرة تدفعها الخزينة العامة للدولة ، قد وقع في فك التضخم ، اذ أصبحت التكاليف الرسمية التي تدفعها المؤسسة العامة السورية للتامين كأجور استشفاء غير كافية الأمر الذي أوصل مشروع التأمين الصحي الى المأزق الذي فيه .
بعد المداولات والسخط الذي ابداه الحضور وعد وزير الصحة بأن يعاد النظر بالتكاليف الرسمية للوازم الاستشفاء خلال شهر ونصف من الآن على أن تستمر المشافي الخاصة بتقديم العلاج الى مرضى التأمين الصحي ، على أن ذلك لايحل المشكلة بشكل نهائي . كما ان الحل الذي تتجه اليه وزارة المالية يعقد المشكلة أكثر من يحلها أذ أن التوجه الحالي يهدد بنسف مشروع التأمين الصحي من أساسه ، اذ ماهو الفرق الذي سيحدثه المشروع في حال تحويل المرضى الى المشافي العامة المثقلة بالأساس ؟
كما أنه من الضرورة لفت النظر الى أن المؤسسة العامة السورية للتأمين تدير ملف متكامل للتأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص والعام وفي القطاع المشترك كذلك الشركات العامة التي تعمل وفق أنظمة خاصة مثل الشركة السورية للاتصالات ، فكيق سيتم التعامل مع هذه الشركات الخاصة ؟
بالمقابل من الضرورة اعادة النظر بعمل المشافي الخاصة في سورية اذ ان هذا التصرف بعدم استقبال المرضى ، أكد كل المقولات السابقة التي تتحدث عن التصرفات اللاانسانية التي تقوم بها بعض المشافي الخاصة ، خاصة وأن الموضوع يتعلق بمشروع مدعوم من الدولة وله أبعاد اجتماعية حقيقية كبيرة ، الأمر الذي تم تفسيره على أنه تحدي لارادة الدولة ، وتحدي لزراع الدولة الذي لايلين . وبلفعل فهذا التصرف الذي أقدمت عليه بعض دكاكين المشافي الخاصة هو الذي أوصل المشروع الى المآزق الذي فيه ، خاصة وأنها قد تراجعت عن هذا التصرف في اليوم التالي ، مما يدل على أنها قامت بتصرفات غير مسؤولة أدت الى هذه النتيجة .
من الواجب ايصال الصورة الى كل من يهتم في هذا المشروع ، بأن فشل هذا المشروع ممنوع وبإرادة سيادية عليا كما أعلن وزير المالية الدكتور اسماعيل اسماعيل ، لذلك فأن التصرفات الصغيرة لن تؤثر على مسيرته حتى وأن استلزم الأمر التحول الى المشافي الحكومية ، كما حصل، لذلك ليتلمس أصحاب الكار في المشافي الخاصة الى معالجة الموضوع قبل فوات الأوان،لأن وزير المالية ابدى استعداده الواضح لدعم وزارة الصحة في تجهيز أجنحة التأمين الصحي في المشافي العامة .
سيريا ستيبس- مرشد ملوك