بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
من يتابع المؤتمرات العمالية التي تقام حالياً سيخرج بانطباعات مدهشة ومتناقضة.. سيتفاجأ بارتفاع سقف الخطابات وجرأة الطروحات وكذلك بمستوى الحضور الرسمي الرفيع والمتابعة كتقليد رسمي معتمد منذ فترة طويلة، ولكنه لن يتفاجأ بالطبع بأن هذه الطروحات والمطالب لا تجد طريقها إلى الحل والتطبيق وتتكرر نفسها تقريباً عاماً بعد عام..
ورغم أن المؤتمرات تعتبر مساحات مهمة لتبادل الرؤى والأفكار بين ممثلي العمال والإدارات وقناة سريعة لتوصيل المطالب العمالية إلى الجهات المعنية بهدف تحسين الواقع المهني والوظيفي وتحسين بيئة العمل وزيادة المردود والانتاج إلا أن الوقائع على مدى السنوات السابقة أثبتت أنها تقترب لأن تكون مهرجانات وشعارات وخطابات وعبارات رنانة مركبة بإتقان لتترك انطباعاً مؤثراً لكل من يحضر ويسمع…
وكي نكون منصفين لابد لنا من التنويه بأن هذه المؤتمرات شهدت مؤخراً بعض التحسن في سقف المداخلات والمطالب وتحسناً في مستوى استجابة الإدارات والوزارات لبعض المطالب العمالية إلا أن ذلك لا يشكل اختراقاً كبيراً ولا يلبي الحاجة الفعلية للعمال والموظفين في الكثير من القطاعات والمؤسسات حيث لا تزال هناك الكثير من الحقوق الأساسية المهدورة والتجاوزات والتي تتكرر في توصيات المؤتمرات في كل عام دون ان تجد آذان صاغية.. مع العلم إلى أن الكثير من المطالب تم تلبيتها من قبل الحكومة بعد تكرار نشرها في وسائل الإعلام وبمتابعات ومبادرات شخصية وإدارية وتم نسب الفضل بإنجازها إلى التنظيم النقابي…
أما المشكلة الأهم في هذا المجال فتكمن في مسألة التمثيل الحقيقي للعمال في اللجان النقابية والتي غالباً ما يتم تركيب قوائمها من قبل الجهات الوصائية بالتعاون مع الإدارات دون اية اعتبارات للكفاءة أو للعملية الانتخابية الديمقراطية.. وفي النتيجة تخرج هذه اللجان لتؤدي أدوار قاصرة ومغالطة لمهام وواجبات وادوار اللجان النقابية بمفهومها الحقيقي..
في معظم دول العالم نلاحظ أن هناك علاقة جدلية متنافرة بالمفهوم الإيجابي ما بين القيادات العمالية وما بين الإدارات إلا في بلدنا فنرى هنا الانسجام والتنسيق والتناغم بين الجانبين والغاية ليست من اجل رعاية مصالح العمل والعمال وتلبية المطالب المحقة بل هي من اجل رعاية مصالح ومنافع شخصية متبادلة، ورغم أن التعميم هنا خاطئ إلا أننا نستطيع أن نجزم أن غالبية هذه اللجان خاضعة لسلطة المدير وللجهات الأعلى وطبعا مع المحافظة على الوتيرة العالية والنبرة الحادة في الكلمات والخطابات في المؤتمرات وفي وسائل الإعلام والتي غالباً ما تبقى حبراً على ورق…







