ما أجمله من شعور أن تبلسم جراح أشخاص نذروا أرواحهم في سبيل نصرة قضية مقدسة ودفاعاً عن إعلاء كلمة حق هي الوطن، لعل كل ما يقدّم تجاه هؤلاء أياً يكن هو أقل القليل تجاه ما بذلوه من دماء وتضحيات في حرب فُرضت على السوريين مع الإرهاب، لسنوات خمس قدّم حماة سورية وجنودها أغلى ما لديهم، فرسموا بثباتهم ملامح نصر قادم يحفظ كرامات السوريين، وقبلوا برحابة صدر ضريبة الحرب التي تركت آثارها بإصابات مؤلمة على البعض منهم، وتركت آخرين منهم في واقع اقتصادي معيشي شديد الفقر، وأبت عزة نفوسهم الطلب أو السؤال للآخرين، فكان لزاماً أخلاقياً قبل كل شيء أن نبحث عن هؤلاء ونحيي مزيداً من الأمل في نفوسهم وهم من زوّدنا به سابقاً ببطولاتهم، ومن الجميل أن نجد بين البرامج التلفزيونية على الشاشة السورية الموجهة للجيش السوري فيها برنامجاً يحيي هذه الفكرة ويعمل على زراعة الأمل في نفوس مصابي جنود الجيش العربي السوري.نسمة أمل برنامج نصف شهري يحمل طابعاً مختلفاً وصيغة جديدة في التقديم والعرض، للفكرة والأشخاص بحيث يكون كل عنصر في البرنامج جزءاً من البطولة.
يقدّم هذا البرنامج الجديد عملاً إعلامياً إنسانياً يجمع بين البساطة والمهنية والهدف النبيل قولاً وفعلاً..
يقوم ” نسمة أمل” حسب مقدمه وواضع فكرته “كريم الشيباني” على إعادة الأمل لكل حالة يتم عرضها من الأبطال مصابي الجيش السوري من خلال الاهتمام بالناحية العلاجية بالدرجة الأولى وهي مهملة لدى كل الجرحى الذين تمت مقابلتهم حتى الآن، وبالدرجة الثانية إعادة بناء وإكساء مكان السكن بشكل كامل أو تأمين مورد دائم للمعيشة “مشروع تجاري”.
الحلقة الأولى من ” نسمة” أمل كانت ملفتة من ناحية إمكانية تحقيق هذه التغييرات الجذرية في حياة الجرحى، والبداية كانت مع شاب بطل اسمه “محمد شاهين” أُصيب بشلل نصفي أثناء تأدية واجبه المقدّس، وكان يعيش في ظل وضع سيىء جداً، من حيث الإهمال الصحي والفقر الشديد، يقول الشيباني: “قدّم نسمة أمل رحلة سياحية لمحمد إلى شيراتون معرة صيدنايا تمت خلالها أيضاً معالجته فيزيائياً من قبل الفريق الطبي الخاص بالبرنامج، وفي الوقت نفسه كنا نواكب إعلامياً عمل الفريق الهندسي الذي أعاد تأهيل منزل محمد ليصبح صالحاً للسكن وصحياً أيضاً.. نحن نعلم أن هناك حالات كثيرة مثل محمد شاهين، لذلك نعمل على توسيع نطاق البرنامج ليشمل محافظات عدة في سورية، فبعد الدريكيش توجهنا إلى حي الشاغور في دمشق وهناك قابلنا البطل المصاب أحمد زربو وهو أيضاً يعاني من شلل في الرجل اليسرى، ووضعه المعيشي سيىء، فقمنا بواجبنا حسب مخطط البرنامج، وقدّمنا العلاج اللازم والإصلاح لمنزل أحمد، ثم اتجهنا نحو مصياف في ريف حماة مع البطل الملازم أول رفيق إبراهيم، وهنا قصة جديدة من المعاناة وعملنا معه طبياً، إضافة إلى تقديم “مشروع تجاري” له، والحالات القادمة إن شاء الله ستتوزع في مناطق مختلفة، وكل هدفنا تقديم الخدمة الإنسانية بمحبة ومسؤولية”.
التميّز الذي حظي به ” نسمة أمل” منذ عرض الحلقة الأولى ينبئ بتفاؤل لدى السوريين المتابعين، ويخبر عن اختلاف في كل شيء يطبع هذا البرنامج ويعلّق عليه المسؤولية والأمل، وسط البحث عن نقطة مضيئة لعبور الظلمة الموجودة على أرض الواقع..السر ربما في القرب من الهم السوري، في الإنسانية الصافية، وفي العفوية البعيدة عن الابتذال.. لكنه بالتأكيد يكمن في عمل فريق واحد كامل يتقاسم العمل ولا يجزئ المحبة ولا الوطنية.
محمد محمود
