عبد الرحمن تيشوري / كاتب وباحث سوري
انا عادة اكتب بالشأن العام السوري الاداري والسياسي والاقتصادي والتربوي نظرا للتأهيل المتعدد الذي احمله وانا مؤمن بالادب والثقافة والفكر والتربية لتطوير الانسان السوري والعربي ودوره لكن هذه الايام تنتابي مشاعر غريبة نتيجة كل ما جرى ويجري في سورية الحبيبة وفي بلاد العرب الاوغاد / السعودي والقطري واخرهم السوداني المقمل المغفل الذي قال ان الاسد اما ان يرحل او يقتل /
نصيحة لكل مواطن عربي يفهم ويقرأ يمينياً كان أم يسارياً، مع الحل السلمي أم مع الحل العسكري مع الخرفان هادم الحرمين والمقدسات، اذا ما أصابه عارض صحي، ألا يراجع طبيباً مختصاً من الان وصاعدا.
كنت أردد هذا الكلام وسواه. وأنا في طريقي إلى آخر عيادة رسمية / نحن الموظفين نتطبب احيانا في مكان العمل عند طبيب يكتب لنا احالة الى طبيب خاص خارج الشركة أو خاصة لم أطرق بابها بعد. وكانت كأية عيادة في العالم العربي الثالث، أرضها مغطاة بالمرضى وجدرانها مغطاة بالشعارات والصور وقسم ابقراط، وعندما جاء دوري امتثلت على الفور بين يدي الطبيب ومعي كل الوثائق التي تثبت خطورة حالتي وقلت له: دكتور، استحلفك بالله، بالبنسلين والبروفين، بالترومايسين، وبقضية قضايانا الكبرى فلسطين واليوم اليمن وليبيا وبلدي سورية، أنقذني. أذني مسدودة منذ أمد طويل. فسألني الدكتور بصوت مرتفع: منذ متى يا استاذ؟
– لا أعرف يا دكتور، كل ما أعرفه أن قناة السويس فتحت وأذني لم تفتح وسورية خرجت من الجامعة العربية ثم اعادت الجامعة الاعتراف بالعلم السوري.
– هل أصبت بمثل هذه الحالة في صغرك، أو بالأحرى هل تحمل من طفولتك مرضاً معيناً؟
– أبداً، لم أحمل من طفولتي حتى الآن سوى هموم القضية وكنت دائماً سليم الجسم والطوية، ودائم البهجة والسرور لأن الله الحبيب خلقني في هذه المنطقة الحبيبة الرائعة. وكنت طوال حياتي، اذا ما طنت أذني أو التهب حلقي نتيجة الافراط في السهر والقراءة والكتابة والترجمة والنشر والشراب، أعرج على أقرب صيدلية وآخذ حبة أو ملعقة شراب وينتهي الأمر عند هذا الحد، إلى أن التقيت ذات يوم بأحد أصدقائي المثقفين وأنا أهم بدخول احدى الصيدليات لمثل هذه الغاية: فسألني باهتمام مما أشكو، فقلت له لا شيء مجرد “وشة” خفيفة في الأذن … برشامة وينتهي الأمر: فاستوقفني بحزم قائلاً: لا، راجع طبيباً مختصاً. لقد تطور الطب كثيراً في السنوات الأخيرة، وعلينا نحن المثقفين أن نؤمن بالاختصاص، ونشجع المختصين ونسهل عليهم مهمتهم. لا تقاطعني. واذا لم تفعل بنصيحتي، لا أنت صديقي ولا أنا صديقك.
وفي اليوم التالي راجعت طبيباً مختصاً اخذت اسمه من صديقي. وفي الأسبوع التالي كان عندي من التحاليل والصور الشعاعية والوصفات الطبية ما يعادل مؤلفاتي ومقالاتي كلها التي تزيد عن 5000.
لقد كان له ما أراد واستأصل اللوزتين. وكل ما أذكره بعد ذلك هو أنني منذ غادرت المستشفى وقال الطبيب وهو يودعني “معافى ان شاء الله” لم أعرف طعم العافية. فبعد يومين التهبت أذني اليسرى واليمنى، والتهبت المنطقة، وصارت الوشة اثنتين. وكلما شربت قدح ماء، يعود بعد قليل ليخرج من فمي وأنفي. أما بالنسبة لانسداد الاذن فقد أصبح عندي تقليداً لا يناقش فيه . فصرت لا أسمع ما يقال ولا يفهم ما أقول. ولما كنت جليس مقاهي ومدمن مناقشات وحضور محاضرات ومتحدث الى الاعلام والتلفزيون وخاصة في فترة الحرب الفاجرة على سورية، فكنت لا تراني الا ويدي حول صيوان اذني متسائلاً بصوت مرتفع عن كل كلمة تقال ومستفسراً عن كل رأي يطرح على طاولتي وحواراتي وطاولات الآخرين. ولما كانت معظم مناقشات المقاهي سياسية وادارية، فقد أخذ روادها يظنون بي الظنون، ، واعتقدوا أنني من إياهم، ولذلك صاروا يتهربون من أسئلتي اذا سألت، ويصمتون اذا ما دخلت
وكنت لا أنفك أراجع الطبيب تلو الطبيب والمستشفى تلو المستشفى دون نتيجة، لقد كانوا يتقاذفونني ككرة القدم، شعبية الأذنية حولتني إلى العينية، ومن العينية إلى العصبية، ومن العصبية حولوني إلى الداخلية، ولو تابعت الانصياع لأوامرهم لحولوني إلى الخارجية والدفاع
اخيرا يا اخوتي اقول لكم
من يعجز عن بناء نفسه لن يبني لغيره ونحن قادمون على استحقاق كبير ومصيري
ارجو منكم التدقيق كثيرا قبل منح الصوت لنتغير كسوريين حتى نغير كل شيء لدينا
كما ارجو شطب أي فاسد يرد في قائمة الحزب كونوا رجالا اصحاء واستخدموا حواسكم الخمس لامل مرة في عملية سياسية جديدة في سورية الجديدة