عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري واقتصادي
لتهدئة السوق السورية المضطربة، وتعزيز مقومات الصمود السوري لجيشنا وشعبنا وقيادتنا، لابد من تكاتف الجهود الرسمية والشعبية والامنية، وتحمل المسؤوليات / المركزي والجمارك والضرائب والحكومة والاقتصاد /، لكن انعدام الخبرة والوطنية لدى البعض، أو ضعفها لدى البعض الاخريجعلنا نشكك في قدرة المعنيين المذكورين اعلاه على اتخاذ تدابير ناجحة لصالح الموظفين والفقراء والعسكريين، ومن متابعتنا لهم يوميا ومنذ سنوات، فهم سيستمرون في الغرق في التفاصيل الفارغة، والأعمال الروتينية، والاجتماعات، واللجان والتنظير والوعود الكاذبة التي تتكرر منذ بدء سنوات الحرب
الوضع الاقتصادي السوري المعيشي أصبح خطراً وخطيرا والمائدة لا يحرسها جائع والشعب الجائع يأكل حكومته وحكامه ولم يعد في الإمكان التحمل أكثر، المطلوب اقتصاد حرب سوري حقيقي / يدعم فقط الانتاج والماء والكهرباء والمواد الغذائية الرئيسية / ، لا اقتصاد الرفاه اقتصاد المافيات والاثرياء والتجار والحيتان والمهربين والمستوردين / اقتصاد الويسكي والدخان والسيارات الفارهة والكاجو والاديداس والالبسة الاوربية المتنوعة /، والمزاوجة بينهما تعني إضعاف قدرات البلاد والعباد.
المليارديرات والنموّ الرديء في سورية
- – كان الفكر الاقتصادي الحرّ يميل إلى القول ان نقطة البدء في تنمية المجتمعات –رأسمالي / رجل اعمال واموال /- تتجمّع لديه الأموال فيتحرّك بحافز الربح وتتحّد مصلحته ومصلحة المجتمع.
- – والآن من داخل المجتمع الرأسمالي تخرج مفاهيم جديدة تقول “.. ليس كلّ ثراء خيراً وليس كلّ تركّز في الثروة مفضياً إلى استثمار ثمّ إلى نموّ سليم“. وفي سورية تتجسد هذا المقولة حيث جشع القطاع الخاص والتاجر والمستورد واضح في رفع الاسعار واستغلال السوريين الفقراء
- – الارقام تقول ان هناك “358” ملياديراً في العالم وانّ هولاء البليونيرات تعادل مجموعة الدخول السنويّة لبلدان تمثّل نصف سكّان العالم أو بالتحديد 45{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من سكان العالم.
- – نحن نقارن ثروة “358” شخص يمكن جمعهم في قاعة طعام واحدة بدخول “3,5” مليار نسمه من سكّان الكرة الأرضيّة.
- – ولقد أدهش العالم هذا التقرير –تقرير التنمية لعام 2006- لما فيه من ارقام، حيث جاء فيه:
- – ان “89” بلداً تتدهور اقتصاديّاً ومنها سورية مقارنة بما كانت عليه قبل عشر سنوات.
- – اصبح الناس أكثر فقراً ممّا كانوا عليه منذ ثلاثين عاماً واقحم الفقر بلدان عريقة في الصناعة وبلغت نسبة البطالة في العالم الصناعي 9{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} وفي اسبانيا 22{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e}.
- – حقّقت بلدان آسيويّة مثل ماليزيا والصين وكوريا نسب نموّ عالية.
- – تناول التقرير خمس انواع مما نسمّيه النموّ الرديء:
1.- النموّ عديم الشفقة الذي لايستفيد منه غير الأغنياء والذي يأتي في اطار شعار العالميّة.
2.- نموّ بلا فرص عمل –الدخل يزيد والبطالة أيضاً “نما الناتج المحلّي في غانا نسبة 5{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} لكنّ العمالة انخفضت بنسبة 13{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e}”.
3.- النموّ الأخرس: فالثروة تزيد والقمع ايضاً حيث الديمقراطيّة غائبة والمشاركة السياسيّة حلم لايتحقّق.
4.- نموّ بلا جذور: هو نموّ تضمحلّ فيه الهويّة الثقافيّة –الاقتصاد ينمو والثقافات تنسحق.
5.- النموّ بلا مستقبل: انّه ذلك النموّ الذي يأكل الأخضر واليابس ويستهلك الثروات ويحرق الغابات ولا ينظر للمستقبل أو لأجيال لم تولد بعد.
- – الأسباب واضحة، تمّ تقسيم العمل الدولي بين شمال غني ثريّ صناعي يحتكر العلم والمعرفة والتكنولوجيا ورأس المال والاسواق يزيد أثمان مايقدّم من سلع مصنوعة وبين جنوب فقير متخلّف يبيع خامات وسلع اوّليّة يتناقص سعرها باستمرار والمثال واضح في النفط حيث اصبح سعره الحقيقيّ اقلّ ممّا كان عليه عام 1973.
- – الأكثر فقراً أقلّ عمراً وصحّة وتعليماً وفرصاً في الحياة لأن الفقر يعوق التنمية فهو لاينتج الفرصة للإدّخار والتراكم الذي يولّد الاستثمار.
- – الثراء المفرط يشجّع على الاستهلاك المفرط.
ضرورة العلاج السريع واعادة توزيع الدخل وتصحيح الخلل
- – اننا نسمع لأوّل مرّة عن مفهوم جديد للأمن البشري، ونظام للإنذار المبكّر ضدّ الأزمات الاجتماعيّة التي قد تنشب في هذا البلد وذاك، وتبرز مصطلحات جديدة مثل التنمية الوقائيّة والتنمية العلاجيّة، انّها لغة جديدة وسياسة جديدة في منظّمات بدأت أعمالها في خدمة الشمال أوّلاً ولكنّها الآن وربّما من منظور انّ امن العالم لايتجزأ وأن رفاهيّة الشمال مرتبطة بازدهار أسواق الجنوب وربّما من هذا المنظور يقولون “احذروا الفقر –احذروا الظلم الاجتماعي، انّه قنابل موقوتة“.
ما يهمنا هنا وضعنا في سورية وضرورة ان نعالج الوضع الاقتصادي المتردي عبر دعم المنتجين والانتاج وعدم دعم المهربين وتغيير كل الطاقم الوزاري الحالي المعني بالامور الاقتصادية والمعيشية حيث انهارت رواتب السوريين والقوة الشرائية لليرة كما نقترح تغيير الجسم الحكومي بنسبة 90{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} وزيادة الرواتب بنسبة 100{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} ولو بالاقتراض من الاصدقاء او باصدار سندات حكومية