كان للجسد على مر العصور وفي مختلف الأديان والثقافات أهمية وقدسية خاصة به، كما تم دراسته علميا من قبل العلوم المختلفة ومن زوايا متباينة، تهدف جميعها إلى التأكيد على ضرورة الحفاظ على هذا الجسد وحرمة انتهاكه.
لكن في السنوات الأخيرة التي تشهدها سورية، ومن أهم مفرزات الحرب تفشي ظاهرة التحرش الجنسي.
وعرفت منظمات حقوق الإنسان التحرش الجنسي: بأنه القيام بتوجيه أي نوع من الكلمات الغير مرحب بها أو القيام بأفعال لها طبيعة أو إيحاء جنسي مباشر أو غير مباشر وتنتهك السمع أو البصر أو الجسد وتنتهك خصوصيه فرد ومشاعره وتجعله لايشعر بالارتياح وعدم الإحساس بالأمان والخوف.
ومن أسباب ازدياد التحرش يقول رامي “طالب جامعي”: «أعتقد أن أسباب التحرش هو ارتفاع سن الزواج وصعوبة الزواج»
طبعاً قد يكون هذا السبب دافعاً للتحرش، إذا اعتبرنا أن المتزوجين لا يتحرشون بالنساء، ولكن عندما نعلم أن الكثير من المتزوجين يتحرشون ينتفي سبب «ارتفاع سن الزواج» المسبب للظاهرة.
قد يكون اللباس هو السبب في التحرش حسب ما يقول عدنان “مدرس رياضيات”.
إذا كان اللباس «غير المحتشم» هو السبب في التحرش، فلماذا تتعرض المحجبات والمنقبات إلى التحرش؟ ولماذا فازت أفغانستان بالمرتبة الأولى في العالم بالتحرش، وحلت في المرتبة الثانية مصر؟
«ربما يكون الكبت الجنسي أحد أسباب التحرش»، يقول آخر.
ولكن لماذا يتحرش الشباب الذين لا يعانون من الكبت الجنسي بالنساء؟
يوجد من يقول أن ظاهرة التحرش التي ازدادت خلال الأحداث التي تمر بها البلاد، أمست عادة اجتماعية ولم تعد ظاهرة مرضية، حيث أصبح «التلطيش» واجب على كل شاب أن يفعله، حسب ما تقول جيهان «بسخرية»، وتضيف رنيم: « شو ما لبسنا مو خالصين وحتى لو تغلفنا من فوق لتحت مو خالصين…ونحن أمام عادة اجتماعية يجب التخلص منها.»
القانون السوري والتحرش الجنسي
القانون يجرّم المتحرش جنسياً بالأطفال ، ويفرض عليه الأشغال الشاقة المؤقتة، ودفع تعويض مناسب يحدده القاضي، شرط ادعاء ولي الطفل، أو من له صلة شرعية به.
وفي قانون العقوبات العام، تكون عقوبة من جامع قاصراً لم يبلغ سن الـ15 الأشغال الشاقة المؤقتة مدة تسع سنوات، ولا تنقص العقوبة عن 15 عاماً إذا لم يكمل المعتدى عليه الـ12 وفق المادة 496. وإذا كان المتحرش بالطفل حدثاً يتراوح عمره بين 15 و18 عاماً، تخفف العقوبة، ويوضع داخل معهد الأحداث 12 عاماً كحد أقصى.
بالنسبة إلى التحرش اللفظي، القانون يجرم الفعل بعد التقدّم بشكوى بالحبس من يوم إلى أسبوع، أو بغرامة مالية من 100 إلى 300 ل.س.
مكافحة ظاهرة التحرش الجنسي
يكمن السبب الرئيسي في أن أغلب المتعرضين للتحرش يخافون من تقديم البلاغ المناسب، ما يدفع الظاهرة إلى الانتشار أكثر، وتشتد خلال الأزمات.
والنقطة الأهم أن القانون السوري لم يتطور وأبقى على مواده فيما يتعلق بهذا الموضوع، فمثلا في بعض الدول الأوروربية يصل عقوبة المتحرش جنسيا من 3 إلى 5 سنوات وبغرامة بين 1000 إلى 5000 يورو، في حين القانون السوري تصل العقوبة إلى الحبس أسبوع وبغرامة من 100 إلى 300 ليرة سورية.
بلا أي قانون…بلا أي رادع… بلا أي غرامة …. ويستمر السؤال عن سبب تنامي وتأزم هذه الظاهرة يوماً بعد يوم.
ايرينا الشرع-بتوقيت دمشق