ويشبهُ نفسَهُ..
من وَشوشاتِ الغيمِ،
يهطلُ في الحقولِ الداشِرةْ.
هو من رحيقِ الصبحِ،
من عَبَقِ الحكايا،
من شفاهِ النبعِ،
من أصداءِ روحِ الكونِ،
من ضحكاتِ أطفالٍ،
ومن تلويحةٍ في الموجِ،
من شغفِ البداياتِ،
اندفاعِ السيلِ،
من طيبِ المساءاتِ،
ومن وَعدٍ مع الألحانِ،
من عذبِ اللقاءاتِ البريئةْ.
هوَ طائرُ الروحِ الفسيحةِ،
والتقاطِ الحَبّةِ البِكْرِ،
استطالاتِ المواويلِ،
اشتعالِ الروحِ بالنغمِ الشجيِّ..
وجاءَني في هَدأةِ الأمواجِ، يسألُ،
فَرّ من فزَعٍ،
ولم ألحَقْ بهِ،
ويدقّ صَمتي…..
لا تأتِ يا غِرّيدُ،
يقتلكَ البُغاثْ..
لا تأتِ،
خَلِّ الموتَ يعبَثُ بالمُروجِ،
ويحصدُ الأرواحَ،
يقتلنا،
ويقتلنا،
ويمشي في جَنازتنا،
يُزغرِدُ فاجِرا..
لاتأتِ..
أخشى أن يُصادِقَكَ البُغاةُ،
ولا أمانَ لفاجرٍ..
لا تأتِ.
أخشى أن يُكَسِّرَ جُنحَكَ النوريَّ، هذا القاتلُ القاسي..
ويفسحَ للثعالبِ سُلّماً،
تغزوكَ،
تؤلمُ قلبكَ الرائي،
وروحَ المَوجِ فيكَ،
ويزرعَ الأشواكَ في الروحِ الزكيةْ.
تجنيهِ عاشِقةٌ، فتجزعْ..
وتظنّ أنّ الريحَ غيّرتِ الدروب..
ويغزّ سكّيناً بفجرِكَ،
يختفي،
فتظنّ وجهكَ قد تحجّرْ..
أخلَعُ القمصانَ،
أهرَعُ، أستجيرُ بثوبكَ الفضيّ..
لا ترحلْ..!
وما يعني الوجودُ إذا رحَلتَ.؟!
وهل لصبحِ الروحِ مَعنى،
دونَ أن تُندي مُروجَهْ.؟!
يا طائرَ الشِّعرِ المُغرّدِ، لا تغِبْ..!
أرجوكَ.
أطلِقْ جانحَي حُزني، وألحاني.
وحاشا أن تذلّ العاشقينْ.
يا شِعرُ، أشعِلْ في دمي الآهات،
أوقِدْ في سَوادي النورَ،
رُشَّ على حُطامي من رَذاذِكْ.
يا شِعرُ، حاشا أن تردَّ مَنِ استجارَ بقُدسِ روحكَ،
فاسقِني من خمرةِ الحبِّ الإلهيِّ المُعَتّقِ،
منذ بدءِ تشكُّلي..
في قلبِ هذا الواسِعِ الرّحبِ، الشعاعيّ المَدى..
ياشِعرُ، أخشى أن تغيبَ..
لِمَ الغيابُ.؟
وأنتَ تعلمُ أنّ بَلسَمَكَ احتياجُ الروحِ،
والروحُ استفاضَتْ بالجَفافِ، وبالتشقُّقِ، والتعَبْ..
إني ببابكَ أنتظرْ.
إشراقَ فجركَ في دَمي.
وبدونَ نورِكَ، يا مُنيرُ، سأندثرْ..
فافتحْ مَرايا القلبِ،
وادخل في دمي..
يا طائراً، يغدو ظِلالاً، حين أشعرُ بالتعبْ.
نحتاجُ روحَكَ، يا حبيبُ،
امكُثْ بقربِ سَوادِنا، وأظِلّنا من حَرِّ هذا العمرِ،
أشرِقْ في ليالينا الكَتومَةْ..
ياشِعرُ، أطرُقُ بابَكَ الفِضيَّ،
أطرُقُ بابَ فجرِكَ،
فائتِني من قلبِ وَردَةْ..
من خلفِ جدرانِ الظلامِ، اطلَعْ، كَبَدرٍ ساطعٍ، حاني..
أمرِّغُ روحيَ الظمأى بنورِكْ.
إني ببابكَ،
هل رأيتَ مدى اشتياقي؟!
والمَدى المَوسومَ في أفقي..
ولهفةً عاشقةْ..؟!
__________________________________________________
فاطمة صالح صالح
المريقب / 2016م