إبنة الجيران المسكينة صفاء… وكانت تكبرني بعام واحد.. وجدت نفسها واقعة بعشق أحد شبان حارتنا؛ لم يكن من الحي فقد أتى وأهله وأستأجروا منزلا” فيه.. كانت تحبه حبا” كبيرا”، تراقبه بشكل دائم عندما يخرج إلى الشارع.. أو عندما يكون على سطح بيته… أينما ذهب وكيفما تحرك.. أذكر بأنها كانت تأتي إلي تمسك بيدها ورقة معطرة.. وأقلام حبر ملونة وعطرية.. فهي لاتريد أن تكتب رسالتها وهي وحيدة.. كما لو أنها متيقنة بأن وجهه سيظهر لها من الورقة.. وسترتبك كثيرا”.. فأجلس معها على سطح بيتنا.. وأنظر إليها أراها مرتبكة وتقول لي:ماذا سأكتب..؟ أنظري.. سأرسم له هنا قلبا” كبيرا”.. وسأكتب حرفي إسمينا.. وأقول له بأني أحبه وأشتاق إليه.. وأحب عينيه.. وكانت يدها ترتجف، كما لو أنها تلمس وجهه في الورقة.. إنتهت من الكتابة.. وأرسلتها له في اليوم التالي… أما هو فلم يكن يحبها، بل كان يكرهها كثيرا”.. ويكره أي مبادرة منها إتجاهه.. وأذكر بأنه كان يمعن في قهرها كثيرا”.. ويأخذ رسالتها برؤوس أصابع يده.. كما لو أنها شيئ مقرف..! ويمزقها أمامها وينثر أجزائها على الأرض.. وبالرغم من ذلك لم تكن هي تبالي بل كانت تحبه أكثر فأكثر.. وبعد مرور زمن… إنتقل مع أهله من الحارة.. إلى مسكن جديد لانعرف عنوانه.. إلا إنها لم تيأس وإنتظرته عند نهاية دوام المدرسة.. ولحقت به من بعيد.. حتى إستدلت على العنوان.. فاإشترت له ورودا” وكاسيت أغاني.. وتبعته في اليوم التالي.. ولكنه عندما رآها لم يتوقف ولم يكترث لوجودها ودخل إلى البيت بسرعة… ورأتها أمه تقف قرب البيت..فخرجت إليها ودعتها للدخول إلى المنزل.. فرحت صفاء كثيرا”.. ستدخل إلى بيته..؟!! هذا كان حلم بحد ذاته.. فلم ترفض الدعوة ودخلت.. وقدمت لها الخالة أم كمال فنجان شاي.. وحلوى.. وقالت لها كيف علمت عنواننا الجديد..؟ فاإرتبكت صفاء وجاوبتها: رأيت إبنك علاء بالصدفة ياخالة وفضولي دفعني لأتبعه وأعرف عنوانكم.. إن الخالة كانت تعلم كل شيئ.. ولم تسألها أكثر لكي لا تحرجها.. وأطالت صفاء جلستها قليلا” عله يأتي وينضم إليهما.. ولكن هذا لم يحدث أبدا”.. بل نادى علاء أمه بصوت مرتفع قائلا”: سأنام قليلا”، عندما تفرغين من ضيفتك حضري لي الغداء.. فقامت صفاء وإستأذنت بالذهاب.. وقدمت الورود والكاسيت للخالة وقالت لها بصوت مكسور:هذا لك ياخالة.. فأخذتهم منها ونظرت لها بتعاطف.. وربتت على كتفها بحنان.. وقالت لها شكرا ياصفاء (خلينا نشوفك عيديها..) ، وخرجت صفاء مكسورة الخاطر، وكانت تعلم بأنها لن تأتي إلى هنا ثانية”.. وإنتهت الحكاية هنا.. ولكن لم تنته بقلبها..
- الرئيسية
- ثقافة
- (قصة من الحارة..)..- راما عباس
(قصة من الحارة..)..- راما عباس
- نشرت بتاريخ :
- 2016-08-07
- 9:10 م
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك