قد تتقاطع هموم منطقة صافيتا الخدمية، وكل ما يقض مضاجع المواطن اليومية، مع الكثير من بقية مناطق طرطوس الأخرى، ولكن أيضاً قد تتميز صافيتا عن هذه البقية بكثير من المزايا والصفات، ومن أهمها طبيعتها الجميلة، وكنوزها الأثرية، وقلاعها، ومن أهمها برج صافيتا التاريخي، وكذلك حالة الغنى الثقافي، والمعرفي، والسياسي بين أبنائها، ومع ذلك فهذه الصفات المميزة لم تؤهلها لكي تأخذ حصتها ونصيبها من الاهتمام والدعم المستحقين من خلال إقامة مشاريع سياحية تحقق أكثر من غاية وهدف، وأيضاً امتصاص فائض العمالة العاطلة عن العمل، ولاسيما قسم كبير منها من حملة الشهادات العلمية والجامعية العليا، وكذلك تنشيط الحركة التجارية، والسياحية فيها، إضافة لجملة من المعوقات والصعوبات التي تعترض تطوير الأداء الخدمي والبلدي جراء جملة من القوانين والأنظمة التي عطلت مناحي الحياة، وأظلمها على الإطلاق هو قانون الإدارة المحلية، وآلية عمل المجلس الأعلى للإدارة المحلية، وكل العيوب المرافقة له!.
“البعث”، وحرصاً منها على مواكبة هموم الناس، ونقل معاناتهم اليومية، وما يتطلعون إليه، حيث تضم المنطقة حوالي 80 ألف نسمة من المقيمين والوافدين، تسلّط الضوء على قضايا هذه المنطقة.

بلدية صافيتا
تبعد منطقة صافيتا عن طرطوس حوالي 30 كيلومتراً، وتتميز بإطلالة جبلية جميلة، يطل برجها الأثري على كافة المناطق المحيطة، وحتى منطقة طرابلس اللبنانية، كما توجد فيها كنيسة من الطراز التاريخي، بالإضافة لعدة قلاع وحصون، منها حصن سليمان، وكهوف، كما تنتشر فيها الينابيع العذبة، وفيها مساحات واسعة من أشجار الزيتون، ومع ذلك، وبحسب الدكتور جورج أسمر، رئيس مجلس المدينة، فإن صافيتا تعاني من جملة صعوبات ومعوقات أثرت سلباً على وتيرة الخدمات، والمشاريع، ومن أهمها: يوجد في البلدية عدد من العاملين 132، منهم 15 مهندساً، وتعاني من قلة عدد السيارات، ومنها سيارات النظافة، وقدمها، وأعطالها الكثيرة والمتكررة، كما تعاني البلدية من شح الموارد المالية، حيث لا تتعدى ميزانيتها 95 مليوناً، مع كتلة رواتب الموظفين وأجورهم، وكذلك عدم تحديث الإنارة الشارعية كونها قديمة جداً، ومعاناة المواطنين من قدم شبكات الصرف الصحي واهترائها، ونتيجة التوسع العمراني، خلال السنوات العشر الأخيرة، فإن أكثر من 40{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من أحياء المنطقة غير مخدمة بالصرف الصحي، كما أن ضم حوالي 40 قرية ومزرعة إلى البلدية قد ضاعف من مشاكل ومصاعب البلدية جراء عدم زيادة الموارد المالية، وواقع الآليات وقلتها، ولاسيما سيارات النظافة، وفي مجال الطرق فإن الطرق الأساسية ضيقة وقديمة، وبحاجة ماسة للتوسع، وإحداث شبكة حديثة من الطرق، مع تخديمها بالأرصفة، وفي موضوع المياه فإن واقع التقنين فرض واقعاً سيئاً، حيث لا تأتي المياه إلا “عا الرابع”، أو الثالث في أحسن الأحوال، وزاد سوءاً بسبب برنامج تقنين التيار الكهربائي، وقلة مادة المازوت، وفي موضوع النظافة يقول أسمر بأن قدم السيارات، والكثافة السكانية ساهما في زيادة القمامة، ومع ذلك تقوم البلدية بترحيل القمامة مرتين يومياً، بمعدل 80 طناً من القمامة، وتوجد شكاوى من قبل الأهالي في بعض الأحياء، ولكن هذا هو واقع حال البلدية، فلا يوجد سوى 4 جرارات قديمة، و4 سيارات ضواغط، منها سيارتان خارج الخدمة، وبحاجة ماسة للصيانة، وبخصوص النقل لا توجد مشكلة بمعنى المشكلة، إذ يوجد حوالي 66 سرفيساً للنقل الداخلي، وإلى طرطوس حوالي 130 سرفيساً، وإلى حمص 30 سرفيساً.

تلوث بيئي
وفي موضوع مكب القمامة فقد طالب رئيس مجلس المدينة بضرورة نقل مكب القمامة الموجود على طريق صافيتا حمص إلى مشروع وادي الهدة في طرطوس لما يسببه من تلوث بيئي، وصحي بالجملة على الأهالي، وإنجاز محطات للمعالجة، إذ لا توجد أية محطة للصرف الصحي وتخديم القرى التي تم ضمها بمشاريع الصرف نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية، وكونها منطقة صخرية غير صالحة لإقامة جور فنية، وبخصوص موقع برج صافيتا التاريخي، هناك حاجة لإعداد دراسة شاملة لترميمه، وحالياً توجد خطة لتنفيذ ترميم مدخل بوابة القصر “البرج”، وكذلك أعمال الإنارة من قبل متبرع لكي يتم وضع المنطقة المحيطة بالبرج بالاستثمار السياحي، وبشكل عام المنطقة تفتقر لوجود مشاريع سياحية بالرغم من جمال الطبيعة، ووجود مقومات الجذب السياحي لديها، ووجود حركة تجارية نشطة فيها، والحاجة الماسة لإقامة معامل أخرى مثل معامل للأدوية، والمواد الغذائية بالدرجة الأولى.

وجع حقيقي
وفي موضوع القوانين فقد أشار المهندس محمود علي، عضو مجلس محافظة طرطوس، ومدير بلدية صافيتا، إلى أن أهم ما تعانيه المنطقة ويمثل وجعاً حقيقياً يتجلى بقانون الإدارة المحلية وضرورة تعديل الكثير من هذه القوانين و المراسيم ومنها المرسوم 40 لعام 2012 وعدم السماح بتسوية أي مخالفة بناء مهما كان نوعها، يعني أن الأمر يتطلب هدم البناء المشاد دون رخصة، حتى لوكان نظام البناء يسمح بترخيصه، وهنا نطالب بأن يكون الهدم لمخالفة البناء التي لا يسمح نظام البناء بترخيصها والمخالف والتي تضر بالمصلحة العامة أو المتجاوزة على الأملاك العامة أو التنظيم، كما كان عليه الأمر، وبالتالي فإن عدم السماح بتسوية أي مخالفة بناء حرم الوحدات الإدارية من موارد مالية كثيرة، ومن هنا يجب إعادة النظر بهذا المرسوم، وأيضاً فإن القانون 23 لعام 2015 بشأن تقسيم العقارات بعد صدوره أثر سلباً على عمل الوحدات، لأن من الصعوبة تطبيقه كما صدر وبالأخص مع بلديات درجة ثالثة ورابعة، وتأكيد ذلك عدد مشاريع الإفراز للعقارات المصدقة في المحافظة لا يتجاوز عدداً محدوداً جداً على صعيد محافظة طرطوس بالكامل، ما يستدعي تعديل هذا القانون، علماً بأن مجلس صافيتا قد أخذ القرار، وأكد عليه بعدم إمكانية تطبيق التنظيم كما ورد ومشاريع الإفراز متعثرة جداً لدينا، ويضيف علي بأن من حق المجالس كل ما يخص تحديد المخالفات البسيطة التي لا تضر بالمصلحة العامة أو الخاصة إمكانية تسويتها بموجب قرار المجلس أصولاً وعدم ربط هذا الأمر بالمجلس الأعلى للإدارة المحلية وتعميم واقع الأمر لكافة البلديات بشكل موحد، ومع ذلك فقد قام المجلس بمنح 161 رخصة بناء لعام 2016 مقابل مردود مالي بلغ 11 مليون ليرة وتسوية مخالفات بناء قديمة مقابل مردود حوالي خمسة ملايين ليرة، ورسوم تحسين حوالي سبعة ملايين ليرة.
واقع الناس
يشكو الناس في منطقة صافيتا من ارتفاع أسعار العديد من السلع الغذائية في ظل غياب مظاهر الرقابة والمعنيين بالضابطة التموينية وترك تجار الأزمة على غاربهم و”أخلاقيتهم” الغائبة بالنسبة للكثير منهم، فيقول السائق سليمان، بأنه يوجد غياب حقيقي لدوريات التموين وفوضى مرورية، وتحكم من قبل السائقين، ولا سيما فيما يخص نقل التلاميذ وتحكمهم بالتسعيرة وأجور الطلبات وعدم القدرة على ضبط هذه الفوضى سواء من قبل الشرطة المعنية أو حتى شعبة التموين التي دائماً تشكو أيضاً من عدم قدرتها على محاسبة المخالفين والاكتفاء بتنظيم الضبوط فقط، كما يشكو الناس من ارتفاع أسعار البيوت والشقق حيث وصل سعر المتر الواحد فيها إلى حوالي المئة ألف ليرة والمحلات إلى أكثر من 50 ألف ليرة، وأيضاً ارتفاع أجور الشقق والمحلات المعدة للإيجار وبرنامج التقنين الكهربائي، وغياب تسويق المواسم الزراعية وكلف مستلزمات الإنتاج وحاجة المواطن لوجود مشفى وطني وارتفاع أسعار الأدوية وكلها تفوق طاقة المواطن، ولا سيما أصحاب الدخل المحدود أو الذين لا يملكون دخلاً بالأساس.

واقع الخبز
بالنسبة لتوفر مادة الخبز مع الإشادة بنوعية الخبز الجيدة في مخبز صافيتا، وبحسب مدير المخبز نصر الدين محسن، فإن المخبز يشكو من قلة اليد العاملة الفنية، حيث لا يوجد سوى فني واحد، ولديه وضع صحي كما توجد مشكلة في توزيع مادة الخبز ونقلها بعد عشر ساعات بسبب تأخر المعتمدين واستلامهم الكميات المخصصة لهم، وهذا الوضع يؤثر سلباً على جودة الخبز جراء ذلك.

خلاصة
يأمل مواطنو وسكان مدينة صافيتا أن تعمل الحكومة ومن خلال أجهزتها التنفيذية على إعادة النظر بكثير من قوانين لم تعد من الممكن تطبيقها من جهة ومن جهة أخرى ليس من العدالة والمنطق أن تطبق قوانين مركزية على كامل المناطق بذات الروحية، فما يصلح لتطبيقه في منطقة شرقية أو جنوبية لا يمكن تطبيقه في منطقة ساحلية أو غيرها، لعدة مبررات وضرورات تفرضها الجغرافيا والحيازة والمناخ وحتى العوامل البشرية المختلفة.
لؤي تفاحة