الاقتصاد الاسود الهامشي / غير المنظم /
عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري سوري
مقدمة:
اقتصاد الظل هو نوع من النشاط الاقتصادي غير المنظم الذي لا يدخل ضمن الخطط الحكومية ولا ضمن حسابات الناتج مما يؤثر على الدخل الوطني عموماً, هو اقتصاد الأقبية والأسطح نراه منتشراً انتشار سرطاني ينتج على الأغلب سلعاً تباع بأسعار زهيدة مما يؤثر على الاقتصاد والناتج الوطني وعلى جودة المنتج الوطني وسمعته.
يتواجد في كل الأنظمة اشتراكية أم رأسمالية أو ما بينهما، يعمل بمبدأ أكبر ربح ممكن أو أقل خسارة ممكنة لكنه كبير في سورية ويساوي نصف الناتج الوطني
أسباب وجوده في سوريا:
- إن من أهم أسباب انتشار هذا الاقتصاد هي تراجع دور الدولة لا سيما في الفترة الحالية
- الإنسان السوري تعوّد أن يجد طريقة لتفادي العلاقة مع الحكومة وليس فقط تفادي دفع الضرائب، وإنما روتين العمل الحكومي.
- ضعف معدل النمو الاقتصادي / وخاصة هذه المرحلة وكذلك مرحلة العطري ودردري / وبالتالي عدم قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل للقادمين إلى سوق العمل بنسبة متزايدة.
- انخفاض قيمة الدخل الحقيقي، مما يؤدي لحاجة من هم على رأس عملهم لسد الفجوة بين (الدخل والمصروف) والوضع أسوأ لمن هم عاطلين عن العمل؟!..
- التعقيدات الإدارية وضبابية التعليمات وسيطرة العلاقات الشخصية ولجوء الناس إلى (الأبواب الخلفية) في مجالات العمل الاقتصادي
- ندرة السلع وانتشار السوق السوداء وارتفاع الأسعار المفاجئ
- عدم مرونة وواقعية التشريعات الاقتصادية، حيث توجد علاقة طردية بين حجم الاقتصاد غير الرسمي والقوائم (السلبية) فكلما زادت حدود المنع للاستيراد والتصدير كلما ازداد هذا الاقتصاد إمّا من خلال زيادة الصادرات الوهمية أو الاستيراد بشكل غير نظامي )
- حالة الركود الاقتصادي في المجتمع السوري بسبب الحرب الفاجرة وخاصة في الريف، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الهجرة نحو المدينة وانتشار (المخالفات – بيوت الصفيح/في ظل عجز القطاعات الاقتصادية الأخرى عن استخدام وتشغيل هؤلاء القادمين، وخاصة للفئة العمرية بين (18 – 25) سنة، وكذلك رغبة هذا القطاع بتشغيل صغار السن لضعف رواتبهم وأجورهم، وبالتالي فإنه يشجع على زيادة التسرب من المدارس وخاصة أن المجتمع السوري مجتمع فتي وأن نسبة من هم دون سن /19/ سنة يبلغ نسبة2{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من عدد سكان سورية وأكدت الدراسات أن معدل الخصوبة عند العاملين بهذا القطاع مرتفع جداً، وهذا يفسر زيادة عدد أفراد الأسرة الواحدة، مما يزيد من ضغط الحياة اليومية ويضطروا إلى البحث عن فرصة عمل في القطاع غير الرسمي.
- إن ميل القطاع الخاص نحو زيادة الأرباح على حساب القيمة المضافة، أي تقليل نسبة الرواتب والأجور يؤدي إلى الاستغناء عن تعيين عمال جدد
- الحاجة إلى ضخ كثير من الاستثمارات في نسيج الاقتصاد السوري وخاصة قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي، وأن تزداد الموازنة الاستثمارية على حساب الموازنة الجارية، ولاسيما أن الاستثمارات هي الحامل الحقيقي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية
ونحن نرى ضرورة تنظيم الاقتصاد الهامشي في سوريا للأسباب التالية:
- أكد عبد اللـه الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية السابق ـ في لقاء الطاولة المستديرة الذي عقد في فندق شيراتون دمشق/ عام 2004 / بعنوان: «من القطاع غير المنظم إلى المنظم.. طرق تقليل أنشطة الظل في الاقتصاد السوري» ـ أن القطاع الاقتصادي غير المنظم في سورية يشكل ما نسبته 40 {844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من الاقتصاد الوطني ما يعني أنه ثروة هائلة يجب استثمارها وتحويلها إلى قطاع فاعل تتوافر لديه الإمكانات اللازمة ليشارك ضمن الاقتصاد الوطني من خلال البحث عن مصادر التمويل لتنميته وجعله يشارك في عجلة التنمية الاقتصادية وفي الدورة الإنتاجية والاقتصادية.
- ارتباط مفهوم الاقتصاد الهامشي بمفهوم سيادة الدولة , يرتبط اتساع الاقتصاد الهامشي مع ضعف دور الدولة و ضعف مرفق القضاء.
- الآثار الاجتماعية السلبية الكارثية لهذا الاقتصاد:
- تفشي الاقتصاد الإجرامي (التهريب ـ الأسلحة ـ المخدرات ـ الدعارة ـ القمارـ تجارة الأعضاء البشرية ـ تزوير العملات ـ سرقة الآثار ـ سرقة المال العام. – التشبيح )
- اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وزيادة التفاوت الاجتماعي التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات سياسية وتراجع هيبة الدولة
- إن الوضع المادي لبعض العاملين في هذا القطاع يتطور مع الزمن، لأنهم يستفيدوا من كل خدمات الدولة ولا يسددوا أي التزام تجاه خزينتها، ولذلك قد يكونوا بحكم موقعهم وعلاقتهم مع أصحاب القرار قادرين على الإساءة بشكل مباشرة على أمور هامة مثل: (العلامة التجارية – تأمين سلع وخدمات لا يعكس سعر بيعها السعر الرسمي..
- إن هذا الاقتصاد يساهم في تفشي وانتشار الأمية لأن أغلب العاملين فيه أميين أي تسربوا من المدارس ، ويرسخوا مفهوم أن الحصول على المال هو الغاية دون أي اعتبار للوسيلة، وينتقل هذا المفهوم إلى أولادهم وبالتالي يصبح عامل معيق للتحصيل العلمي العام في سورية.
- أن أغلب العاملين في هذا القطاع لا يتمتعوا بأي ضمانة اجتماعية أو اقتصادية مما يحولهم إلى أناس مهمشين بكل معنى الكلمة، ولاسيما أن أغلبهم يعمل في مجالات خطيرة مثل أعمال البناء والتشييد وأعمال النقل والزراعة