ومضت الأيام وسمر لم تستطع ذرف الدموع، فقط تلك الغصة. وكانت دائما بحالة جمود وشرود دائمين.. وتلك الفتاة تأتي إليه في الصباح، ويجلسان أمامها… فكرت كثيرا بترك عملها.. ولكنها اعتادت على هذه المكتبة، وكيف تتركها بعد أن صممت ورتبت كل شيئ بنفسها؟ إنها مملكتها الخاصة الصغيرة.. ولكن ماذا ستفعل مع هذا الدخيل الجديد؟يؤرق أعصابها ذلك كثيرا”، تلك الرفوف والكتب وعلب الهدايا، كلها تنظر إلى سمر بحزن وتتوسلها عدم الرحيل وتواسيها…، يدخل أحد الزبائن ويعطيها أوراقا” قامت بتصويرها سابقا”،
_ مرحبا”..
_ أهلا تفضل،
_ لوسمحتي، هذه الأوراق تصويرها خاطئ وغير واضحة، لم أنتبه لها عندما أخدتها من عندكم،
_ أعتذر منك.. سأصلحها لك.. سأعيد تصويرها لابأس أعطني فقط ساعة من الوقت وستكون جاهزة
_ لابأس سأعود بعد ساعتين..
تأخذ الأوراق وتعيد ترتيبها.. بدت سمر حركتها سريعة ومرتبكة تكاد لاتخلو من بعض التعصيب… يلحظ رامز هذا عليها للمرة الأولى..
_ سمر مابك؟ لم تخطئي من قبل بعملك.. وأراكي متعبة اليوم هل أقوم بتصويرها بدلا” عنك..؟
_ لا.. لابأس أنا بخير سأنتهي منها لاتقلق…
ترتجف يدها فوق أزرار الطابعة، ويرتبك كل شيئ بها.. نظراتها وأنفاسها، حتى لون وجهها يبدو شاحبا”..، ينهض رامز عن كرسيه ويقترب منها، إنها المرة الأولى التي تكون فيها المسافة بينهما قريبة هكذا..!! تنظر إليه باستغراب!! وقد التقى نظرهما، أحست بشعور لم تستطع تفسيره بداخلها، أحست بالدفئ وبشيئ من الأمان وبأن حبها له في أوج ثورته.. وبتلك اللحظة وضع يده على كتفها، ولم تستطع حينها أن تمنع نفسها من البكاء..
_ سمر أنا أعلم… ولكني لم أخطو نحوك أي خطوة، فأنا أدرك حقيقة مشاعري.. ولا أستطيع إستغلال مشاعرك نحوي، كنت حذرا” معك حتى بالنظر والكلام.. لأن مكانتك كبيرة لدي.. وأنت جزء كبير وأساسي وساهمت في تطوير وإعادة الحياة لهذه المكتبة، هل تلومينني لأني أحب تلك الفتاة؟ ماذا أفعل ياسمر وهل القلب يأتمر بأمرنا؟ ماذا باستطاعتي أن أفعل كيف لي أن أخفف عنك وأنا سبب هذا الجرح؟ ماذا يرضيكي ياسمر أخبريني؟
_ معك حق هو ليس ذنبك فأنت لم تستغل مشاعري ولم تعدني بأي شيئ، ولم تتجاوز ذاك الحد بيننا،ولم تخطئ بحقي، إنه قلبي أنا وحزني وحدي… هلا أكملت تصوير هذه الأوراق أريد الذهاب للمنزل..
تأخذ حقيبتها وتخرج مسرعة نحو الطريق، تمشي.. وتمشي.. وتمشي.. وتدور الأفكار برأسها، ذهبت إلى كل مكان إلا المنزل.. وجلست في الحديقة يلفها الشرود والضياع.. ماذا ستفعلين الآن ياسمر.. قد كان الأمر بينك وبين نفسك فقط.. وكنتي تظنينه لن يفصح بما يلحظه بك من حب وحيرة.. أما وقد قال ماقاله وقد واجهت قساوة هذا الموقف، فهل من المنطق أن تعودي؟!! سيكون تواجدكما معا محرج جدا”، ولن تستطيعي أن تخرجي من هذه الأزمة وهو أمامك ليس هذا فقط؛ فتلك الدخيلة على مملكتك ستحطم قلبك كل يوم…
يتبع…