طال جلوسها على مقعد الحديقة… وطال تخبطها في الأفكار.. وكل تلك المشاهد تعيد نفسها في الذاكرة.. للمرة الأولى يتسلل اليأس إلى قلبها.. وأحست بفتور بأوصالها، وبشيئ من اللامبالاة، تبتسم بسخرية من هذا القدر.. وتسير إلى المنزل، تدخل غرفتها وتستلقي كما لو أن مسيرها استغرق أياما” طويلة وأرهقتها وعورة الطريق.. ولاتدري كيف غفت عينها… نامت لبعض الوقت.. وعندما إستيقظت جال نظرها على جدران الغرفة… وبدأ شريط الأحداث يمر أمامها.. وقلبها يعلو خفقانه بين ضلوعها… نهضت من سريرها، ونظرت لوجهها في المرآة.. وحدثت نفسها.. “أجل.. لن أتراجع إنه قراري..” خرجت من البيت وذهبت للمكتبة، إنه المساء.. الفترة الثانية من عملها اليومي.. ولكنها هذه المرة تأخرت قليلا على غير عادتها… وحال وصولها وجدت رامز يقوم بترتيب بعض الكتب..
_ مساء الخير..
_ مساء النور.. كيف حالك..؟
_ بخير..
ويعم الصمت قليلا بينهما.. تذهب لإعداد القهوة كالعادة، ويجلسان كل في مكانه..
_ سمر.. سلمت يداكي قهوتك لذيذة واعتدت عليها..
تنظر إليه بحزن وارتباك..
_ أريد أن أخبرك بشيئ.. اتخذت قرار مهم..
يبتلع رشفة من فنجانه ارتشفها بهدوء شديد.. كشراب نادر لن يتكرر احتساؤه من جديد… و يطبق كفه على الفنجان…
_ لم تعودي تريدين العمل هنا.. ستتركين المكتبة أليس كذلك؟
_ لقد قررت ذلك، ويجب أن أبتعد، إنه الحل الأفضل لكلينا..
يستمر في صمته.. وتشعر سمر للمرة الأولى بغربة في المكان… يبدو بأن حبها له كان يزين لها كل شيئ.. أما وقد خاب أملها وانكسر قلبها فلم تعد ترى إلا الحزن.. تلك السنين الطويلة أصبحت غربة في أيام.. ولحظات… إنه القلب والروح؛ موجتان عاتيتان لانجيد ركوبهما في كثير من الأحيان…
_ سمر أنا أتفهم موقفك وماكنت لتفعلي غير ذلك، ولكني لاأتمنى أن تذهبي لا أريد ذلك… هلا أعدت التفكير؟ وكيف ستجدين عملا” جديدا”..؟
_ إنتهى التفكير.. فكرت كثيرا” ومطولا”.. هكذا أفضل، لاتقلق بشأني..
ينظر إليها وقد علت وجهه الحيرة والحزن
_ حسنا”.. كما تريدين..
تلك الساعة الصغيرة أمامها.. إعتادت النظر إليها دوما”.. أمسكتها بيدها ومررت أصابعها فوقها..
_ هل لي أن آخذ هذه الساعة الصغيرة..؟ فهي كانت رفيقتي دائما”..
_ خذي ماتشائين، فهذه المكتبة لك وليست لي..
تأخذها وتنهض… تمشي بضع خطوات نحو الباب.. تنظر إليه..
_ لاتقولي وداعا”..
_ حسنا”.. إلى اللقاء..
قال لسانها هذا.. أما عيناها فقد قالتا وداعا”… تخرج من المكتبة ولاتزال تلك الغصة في قلبها لاتبارحه أبدا..
أما رامز أحس بأنه يجول في فضاء وسيع.. بقي شاردا” لبعض الوقت، ولا يزال فنجان القهوة بيده يمسك به كمن يمسك بيد أمينة كي لايضيع.. إنه حزين وأحس بأنه اعتاد وجودها، ولكن ماعساه يفعل؟ فاسمر معها حق ، هو لم يستطع أن يراها أكثر من صديقة وهي أحبته كثيرا”…
إنها الحياة الغريبة والقدر.. تدور بنا وتدور… ولاندري خفايا الغد…
- الرئيسية
- ثقافة
- فتاة المكتبة سمر…- الجزء الرابع والأخير
فتاة المكتبة سمر…- الجزء الرابع والأخير
- نشرت بتاريخ :
- 2017-03-07
- 10:00 م
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك